طبيعة العلاقة بين العقل والنقل في ضوء النصوص الدينية
فدا حسين حليمي
الخلاصة
تنوّعت أنظار المفكّرين الإسلاميين منذ القرون الأولى في بيان طبيعة العلاقة بين العقل والنقل وتحديدها، وبالتالي ظهرت ثلاثة اتّجاهات متعارضة في الساحة العلمية. الاتّجاه النصّي المتطرّف الذي يؤمن بأنّ العقل منافٍ للمنقول ومغايرٌ لأسس الإيمان؛ فلا يمكن الجمع بينهما، ولا يجوز التعدّي على ظاهر النصوص الدينية، وتفسيرها وتأويلها على أساس المعطيات والأدلّة العقلية، والاتّجاه العقلانيّ المتطرّف الذي جعل الدليل السمعي تابعًا للدليل العقلي ومترتّبًا عليه، وحاول استنتاج جميع المعارف الدينية المهمّة على مبنى العقل واستنتاجاته العقلية، والاتّجاه العقلاني المعتدل الذّي يرى بأنّ الدين تارةً يتمّ تبيينه على لسان العقل وآخرى على لسان النقل، فمن جهة أنّ العقل في المستقلّات العقلية وفي قضايا العلوم المتعارفة له رسالة مستقلّة والنقل يؤيّده، والنقل أيضًا له رسالة خاصّة به والعقل مصباح له، وهو اتّجاه عقلاني معتدل نشأ متأثّرًا بأئمّة أهل البيت ، فلم يُسمح للعقل بأن يتجاوز حدوده ومساحته، ولم يجمّد العقل والتعقّل والاستدلالات العقلية في مجال المعرفة الدينية واستخراجها من منابعها ومصادرها، وقد اتّضح من خلال بحثنا هذا وفق المنهج التحليلي الاستنباطي الدور التنسيقي بين العقل والوحي في مجالات متعددة وفي توليد المعرفة الدينية.