جدلية عقوبة الارتداد وحرّية العقيدة في الفكر الإسلامي
د. عبدالعزيز الصوافي
الخلاصة
تناولت هذه المقالة محاولات الإجابة على جدلية دعوى التنافي الظاهري بين عنوان المجاهرة بالارتداد وما يترتّب عليها من عقوبات جزائية في الدين الإسلامي وبين القول بأن الإسلام كفل حرّية الاعتقاد.
وقد سلكنا في الوصول إلى رفع ذلك التنافي المزعوم المنهج الوصفي في تعريف مفردات البحث، والمنهج الاستقرائي والتحليلي في ذكر التوجيهات المساقة للدفاع عن رأي المشهور بـوجوب قتل المرتد الفطري المجاهر بردّته مطلقًا، وقتل المرتدّ الملّي إذا رفض التوبة. والمنهج المقارن لبيان نقاط القوّة والتميّز والتفوّق في الفكر الإسلامي قياسًا إلى غيره من التشريعات الوضعية. فتمخّض البحث عن نتائج أهمّها: أنّ الفكر الإسلامي قد ضمن للإنسان حرّيته الاعتقادية الواقعية، وأنّ هنالك جملةً من التبريرات الوجيهة في التوفيق بين وجوب عقوبة المرتدّ المجاهر بارتداده وبين الحرّية في اختيار المعتقد. وهي: إمّا بالاستناد إلى مبدإ أصالة التكليف الإلهي للإنسان، وإمّا من خلال بيان الفلسفة أو الحكمة من تشريع معاقبة المرتدّ في الإسلام. وإن مبدأ الحدّ من الحرّية الشخصية لمصلحة المجتمع هو مبدأ مُتّفق عليه لدى العقلاء، كما أنّه لا يمكن أن تمارس الحرّية الشخصية بعيدًا عن توجّهات المجتمع القيمية والأخلاقية والعقدية، من قبيل العدالة وحفظ كرامة الإنسان.