19 April 2024
الشيخ الوائلي: الأمن الفكريّ ضرورةً وبحاجةٍ لجهودٍ إعلاميّةٍ كبيرةٍ لتحقيقه

الشيخ الوائلي: الأمن الفكريّ ضرورةً وبحاجةٍ لجهودٍ إعلاميّةٍ كبيرةٍ لتحقيقه

أكاديميّة الحكمة العقليّة تستضيف في أمسيةٍ حول "استراتيجيّة الأمن الفكريّ"رئيس مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة التابعة للعتبة الحسينيّة المقدّسة الشيخ صالح الوائلي يؤكّد على ضرورة تفعيل الأمن الفكريّ وفق استراتيجيّةٍ مدروسةٍ، ومن المؤكّد أنّ تحقيق هذه الاستراتيجيّة بحاجةٍ إلى جهودٍ إعلاميّةٍ كبيرةٍ من أجل تحقيقها.

جاء ذلك خلال كلمةٍ له في الأمسية الّتي نظّمتها أكاديميّة الحكمة العقليّة اليوم الأربعاء 30 آب، تحت عنوان (استراتيجيّة الأمن الفكريّ). وكانت الأمسية بإدارة الإعلاميّ الأستاذ عقيل البندر، وقد حضرها عددٌ من الأساتذة والفضلاء.

واستهلّ الوائلي كلمته ببيان أهمّيّة الأمن الفكريّ قائلًا: "موضوع الأمن الفكريّ لا يقلّ أهمّيّةً وخطورةً عن الأمن الاجتماعيّ، إن لم يكن يفوقه بكلّ أبعاده، بل لا مبالغة في القول إنّ متانة الأمن الاجتماعيّ أو هشاشته تعتمد بصورةٍ أساسيّةٍ على مستوى الأمن الفكريّ ومدى متانته". مؤكّدًا على أنّ موضوع الأمن الفكريّ "يعدّ من الموضوعات الّتي تحظى باهتمام أغلب دول العالم، وترصد له ميزانيّاتٌ ضخمةٌ، بيد أنّ العراق - وبالرغم ممّا يعانيه من فوضى فكريّةٍ، وتزاحم مشاريع فكريّةٍ هجينةٍ - لم يول اهتمامًا لهذا الأمر، ولم يتحرّك في هذا الاتّجاه".

وقد أوضح الشيخ الوائلي مقصوده من مفردة الأمن الفكريّ قائلًا: "إنّ مصطلح الأمن الفكريّ يشمل كلّ ما يحقّق الاستقرار الفكريّ في ذهنيّة الفرد والمجتمع، والاطمئنان النفسيّ الناشئ من إيمانهم بالفكرة المحوريّة"، مشيرًا إلى أنّ مفردة الفكر تعني أحد معنيين: الأوّل: عمليّة إنتاج الفكر - أو ما يسمّى بالتفكير - وبتعبير المناطقة حركة العقل بين المعلوم والمجهول، والمعنى الثاني: النتاج الفكريّ بكلّ أصنافه المعرفيّة والفلسفيّة والآيديولوجيّة، وما نسعى لتأمينه ضمن استراتيجيّة الأمن الفكريّ هو كلا المعنيين، من خلال وضع مناهج خاصّةٍ في التربية الفكريّة، ومناهج أخرى للتعليم الدينيّ.

وفي سياقٍ متّصلٍ، أشار الشيخ الوائلي إلى أنّ "مرتبة الأمن الفكريّ ينبغي أن تكون في أوّل سلّم الأولويّات البشريّة؛ لأنّ الإنسان بطبيعته يبحث عن الاستقرار الّذي يحقّق له السعادة وأمنه الاجتماعيّ والوجوديّ، ولا يمكن أن يتحقّق ذلك إلّا بتوفير الأمن الفكريّ".

وفي ضوء بيان موضوع الأمن الفكريّ أشار سماحته إلى أنّ أيّ مجتمعٍ لا يمكن أن يحظى بانسجامٍ وتآلفٍ بين أفراده ما لم تتولّد في أذهانهم فكرةٌ واحدةٌ يؤمنون بها، ونطلق عليها الفكرة المحوريّة أو المركزيّة، وكلّما كانت هذه الفكرة راسخةً في الذهنيّة المجتمعيّة، كان المجتمع أكثر انسجامًا ووئامًا؛ ولذلك فإنّ موضوع الأمن الفكريّ الاجتماعيّ هو الفكرة المحوريّة.

كما استعرض نماذج لمجتمعاتٍ تفتّت إلى مجتمعاتٍ صغيرةٍ بسبب انهيار الفكرة المحوريّة الّتي كانوا يؤمنون بها، من هذه المجتمعات الدولة العثمانيّة بعد انهيار فكرة الخلافة الإسلاميّة، والاتّحاد السوفيتيّ الدولة العظمى الّتي عاشت ما يقرب الثمانين سنةً تحت ظلّ فكرة الاشتراكيّة والشيوعيّة، وفي نهاية المطاف تحوّلت إلى دويلاتٍ صغيرةٍ بسبب انهيار هذه الفكرة.

• استراتيجية الأمن الفكريّ (الأهداف والتحدّيات الداخليّة والخارجيّة)

وفي معرض الحديث عن الاستراتيجيّة المتّبعة لتحقيق الأمن الفكريّ، نوّه رئيس مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة إلى أنّ كلّ استراتيجيّةٍ لا بدّ فيها من تحديد الأهداف والتحدّيات والآليّات، ومن هنا تحتاج استراتيجيّة الأمن الفكريّ إلى وقتٍ طويلٍ لا يقلّ عن ۲٥ عامًا في أفضل الظروف؛ باعتبار أنّها تعتمد على تغييرٍ ممنهجٍ لجيلٍ كاملٍ.

وأكّد على أنّ الهدف الأساسيّ الّذي نتحرّك لتحقيقه ضمن استراتيجيّة الأمن الفكريّ هو إيجاد السبل الكفيلة والقادرة على تأمين الفكرة المحوريّة، وإبقائها حيّةً وفاعلةً في أذهان الناس دون تشويشٍ.

مشيرًا إلى جملةٍ من التحدّيات الداخليّة والخارجيّة وكيفيّة التعاطي معها ضمن هذه الاستراتيجيّة.

وفي حديثه عن الآليّات أشار إلى أنّ الطريقة المثلى في إقرار الأمن الفكريّ يعتمد على جعل الفرد من يتحمّل مسؤوليّة أمنه الفكريّ، من خلال مساهمته الفاعلة في بناء رؤيته العقديّة والفلسفيّة، لا أن تملى عليه إملاءً، وتلقّن له تلقينًا.

كما وتحدّث الشيخ الوائلي عن التحدّيات الّتي تواجه تحقيق (الأمن الفكريّ) ووسائل الوقاية منها، مشيرًا إلى أنّ "هناك تحدّياتٍ داخليّةً وخارجيّةً تقف أمام تحقيق هذه الاستراتيجيّة.

وشدّد على أنّ "توضيح الأمن الفكريّ وأهمّيّته داخل المجتمع هو من مسؤوليّة وسائل الإعلام بمختلف أشكاله"، مطالبًا بجهودٍ إعلاميّةٍ كبيرةٍ لإقناع المجتمع وتقبّلهم قضيّة الأمن الفكريّ.

وتطرّق الشيخ الوائليّ إلى التحدّيات الخارجيّة، وقال: "إنّ أكبر وأهمّ تحدٍّ نواجهه في تحقيق استراتيجيّة الأمن الفكريّ هو الإعلام بكلّ أنواعه المختلفة".

وأضاف أنّ "التحدّي الخارجيّ الثاني هو التعليم، ولا بدّ من معالجته من المرحلة الابتدائيّة وحتّى الجامعيّة"، مبيّنًا أنّ "مناهج التعليم الّتي نشاهدها اليوم في بلدنا العراق تكرّس المنهج الحسّيّ والتجربة؛ ولهذا خلقت لنا مجتمعًا لا يتفاعل مع مفردات الدين ومسائل ما وراء الحسّ والتجربة"، مطالبًا "بضرورة أن تتوحّد الجهود لإجراء تغييراتٍ على المناهج الأكاديميّة خصوصًا فيما يتعلّق بالتعليم الدينيّ".

وبيّن رئيس مؤسّسة الدليل أنّ "اعتماد المنهج العقليّ سيكون أهمّ العوامل الّتي تستطيع تصحيح المفاهيم، ووقاية المجتمع من الأفكار المتطرّفة الّتي تهدّد الأمن الفكريّ".

• آليّات التنفيذ

وفي ختام الكلمة الّتي أشار الشيخ الوائلي إلى أنّ آليّات التنفيذ الّتي يمكن اعتمادها في تحقيق استراتيجيّة الأمن الفكريّ هي "تحفيز وجعل الفرد قادرًا على أن يتحمّل أمنه الفكريّ، بحيث لا يمكن أن نجعل منه شخصيّةً متلقّنةً للأفكار، كما يجب اعتماد وسيلة التربية والتعليم الأكاديميّ في آليّات التنفيذ؛ باعتبارها وسيلةً فعّالةً ومؤثّرةً عبر إدخال المنهج العقليّ في المدارس الأكاديميّة، وهذا ما أطلقت عليه مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة (مشروع التربية الفكريّة والتعليم الدينيّ).

وتخلّلت الندوة مداخلاتٍ وأسئلةً للحضور أثرت النقاش تعقيبًا على ما طرحه الشيخ الوائلي الّذي أجاب عن أسئلة الفضلاء من الحوزة العلميّة وأساتذة الجامعات.

تحميل الكتاب

محرر الخبر: عقيل زعلان

تعليقات الزوار

علي حسين
2021 January 06
سلام عليكم نعم الموضوع مهم جدا ولابد من تغيير وكانت احد نتائج رسالتي الماجستير سنة 2017 هو معالجة الامن الفكري عن طريق، ادخال منهاج دراسي في جميع مستويات التعليم (من الابتدائي الى الجامعة) يقوم على اساس قبول الرأي الاخر والتعايش السلمي ويكون هذا اجباري. بذلك يقتصر زمن الاستراتيجية وتحصين الايدلوجية وفيه تفاصيل مهمة .المشكلة والعائق الرئيسي هو المتسلطين على التعليم والتربية بسبب المحاصصة التي كادت تكون ايدلوجية جديدة في العراق جاء بها الاحتلال واستساغها ضعفاء النفوس احسنتم شيخنا الجليل
R. Shakir
2019 July 25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع المطروح مهم جدا واثره خطير على المجتمع وان ماورد من رؤى وافكار في تحقيقه ممتاز الا اننا نحتاج ان نركز على دور الدولة ومؤسساتها في تحقيق ذلك اننا نرى ان بلدنا يتعرض الى استهداف قوي في كل المجالات من دون قيود اوحدود واضحة تضعها السلطات التشريعية او التنفيذية او القضائية تمثل مقاومه منها للمشاريع العملاقة التي تعمل عليها الايديلوجيات العالمية. من الصعب جدا على تلك المؤسسات تحقيق ذلك من دون ان تشرك الدولة ومؤسساتها في العمل ومن دون ان توضح لها مسؤولياتها لان ذلك سيؤدي الى انهيار حتى الدولة. نسال الله تعالى ان يوفق القائمون على تلك المؤسسة والعاملون فيها لتحقيق الاهداف النبيلة التي يسعون لها وسعداء جدا باصداراتها وبارك الله بعملها.
أخبار مختارة
سجل بريدك الإلكتروني لتتلقى أهم أخبار المؤسسة وإصداراتها

قالوا في المؤسسة

مراكز متعاونة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدليل