في مشروعٍ جديدٍ دشّنته مجلّة الدليل الصادرة عن مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة، يتمثّل بإقامة ندوات علمية وفكرية تهدف إلى حماية المنظومة الفكرية والثقافية للمجتمعات، وتصحيح المفاهيم المغلوطة؛ شرعت المجلّة بإقامة ندوتها العلمية الأولى تحت عنوان "القيمة المعرفية عند كنط.. عرضٌ ونقدٌ".
وقد بدأت الندوة بقراءة آيٍ من الذكر الحكيم تلاها الدكتور روح الله الموسوي، وبعدها قدّم مدير الندوة الدكتور محمد آل علي، شرحًا عن هذا الموضوع وسبب اختياره، وقدّم نبذةً عن شخصيّة كنط قائلًا: "إنّ كنط فيسلوفٌ ومفكّرٌ ألمانيٌّ، وأحد ألمع فلاسفة عصر التنوير الأوروبّيّ، وقد يكون آخر فيلسوفٍ أثّر في أوروبّا الحديثة من خلال التسلسل الكلاسيكي لنظريّة المعرفة الّتي بدأت في عصر التنوير، من أشهر أعماله كتاب (نقد العقل المحض)، الّذي ذاع صيته في مختلف المحافل العلمية".
وكانت الندوة العلميّة قد دارت حول أربعة محاور هي:
1 ـ هل للمعرفة والعلم قيمةٌ بحيث تحكي وتفسّر لنا واقع الأمور ونصدّق حكايتها ونطمئنّ إليها؟
2 ـ حدود المعرفة وأثرها في انتقاء المناهج.
3 ـ المعارف القبلية والبعدية.
4 ـ القضايا التحليلية والتأليفية.
وبين الدكتور محمد آل علي أنّ "الباحث سيقوم بمناقشة هذه المحاور بموجب المنهج العقلي الصحيح، منتهيًا إلى بيان وجه الخلل الّذي وقع فيه كنط؛ بسبب عدم مراعاته ضروريّات الأحكام وبدهيّتها".
• لماذا هذا البحث؟
إنّ المعرفة بشكلٍ عامٍّ عاملٌ مؤثرٌ مباشرٌ على مواقف الإنسان الفكرية والعلمية، بحيث تكون محدّدًا لبوصلة سلوك الإنسان وتوجهاته، وهي ما يحدّد كيفيّة جريان البحوث العلميّة في المدارس والجامعات والمعاهد، كما وتحدّد نحو السلوك العمليّ للأمم والحضارات، وتعيّن الخُلق والسياسات، فبالنتيجة هي المحدّد للرؤية الكونيّة والأيديولوجيّة للأمم والحضارات.
• أمّا الباحث
فهو الدكتور صالح الوائلي رئيس مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية، الحائز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة المصطفى العالمية، وهو أحد أساتذة العلوم العقلية في قم، شغل مناصب متعددة في الجامعات والمؤسسات العلمية التحقيقية، فكان من المؤسسين لأكاديمية الحكمة العقلية، وعضوًا في لجنة الفلسفة والكلام في جامعة آل البيت العالمية.
وبعد هذه المقدمة الّتي قدمها مدير الندوة الدكتور آل علي، اعتلى المنصة الدكتور صالح الوائلي، لإلقاء بحثه الذي بدأه بشرح اختياره لموضوع "القيمة المعرفية عند كنط"، موضحًا أن "سبب ذلك هو أن البحث حول المعرفة ذو أهمية كبيرة في بناء الرؤية الكونية للإنسان، وهي بالتالي ما يحدّد سلوكياته ومواقفه العملية".
كما قدّم الباحث شرحًا موجزًا عن شخصيّة كنط الّذي يعدّ من أبرز مفكّري الغرب، وقد أثر ولا زال مؤثّرًا في الساحة الفكرية، بل إنّ الكثير ممّن تصدّى لنقد المعرفة الدينيّة انطلق من رؤية كنطية، ثم عرض الباحث رؤية كنط حول المعرفة وقيمتها مستعينا برسوم وتوضيحات باستخدام برنامج الباوربوينت.
وأشار الدكتور الوائلي إلى أن "كنط ادعى قيامه بثورة كوبرنكوسية معرفية، أطاحت بمعايير المعرفة السالفة التي كانت تُعتمد الواقع محورًا ومعيارًا لصدق القضايا، وادّعى أنّ الواقع خارجٌ من دائرة المعايير المعرفية لعدم قدرة الذهن البشري على إدراكه، واستعاض عن ذلك بأن المعيار لصدق المعرفة هو مدى مطابقتها لشروط الذهن، وقد جعل من شروط الذهن المكان والزمان والمقولات المحضة".
وبعد إتمام هذا العرض شرع الباحث بنقد أهم المفاصل في هذه النظرية، ومن ثم شرع الحضور بإثارة أسئلة مهمة حول نظرية كنط في القيمة المعرفية.
ومن المقرر أن تواصل وحدة مجلة الدليل إقامة الندوات العلمية في الفترة المقبلة، بحسب ما أعلن رئيس تحرير المجلة الدكتور علي شيخ.
شاهد الخبر في رابط التالي:
https://aldaleel-inst.com/629