السبت - 23 أيار 2020
أكّد الدكتور صالح الوائلي رئيس مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة أنّ فشل التعليم الديني سببه ازدواجية المناهج، مبيّنًا أنّ تطوّر المجتمعات يتحصّل بالاهتمام بمناهج التعليم وتطويرها، مشيرًا إلى أنّ العراق أخفق في هذا الاتّجاه.
وجاءت كلمة رئيس المؤسسة خلال مشاركته في ندوة علمية أقامها قسم الفكر الإسلامي بالتعاون مع قسم ضمان الجودة والأداء الجامعي بكلية الإمام الكاظم للعلوم الإسلاميّة الجامعة، وحملت الندوة عنوان "التعليم الديني وصراع المناهج".
وأوضح الدكتور الوائلي خلال حديثه عن المنظومة التعليمية وأركانها أنّ "للمنظومة التعليمية أركانًا وأسسًا، ومن أبرز أركانها المنهج، مضافًا إلى بقية الأسس والعناصر الأخرى"، مضيفًا أنّ "التعليم واجه على طول تاريخ البشريّة جملةً من التحدّيات لاختيار المنهج المناسب، ومنذ زمن أفلاطون وأرسطو وحتّى وقتنا الحاضر ثمّة صراعٌ بين المناهج على اختلافها".
وأشار رئيس مؤسّسة الدليل إلى أنّ "هذه المناهج المتعدّدة كلّها تحاول أن تتجاذب في جانب التعليم؛ لأنّ التعليم أهمّ مقوّمٍ من مقوّمات المجتمع، ولا يتقدّم أيّ مجتمعٍ إلّا بالتعليم، ولا يتأخّر إلّا بسببه".
وبين الدكتور الوائلي أنّ "التعليم في المجتمعات أهدافه مختلفة، فهناك مجتمعات تريد منه تحقيق أهداف اقتصادية، وبعضها عسكرية توسّعيّة، وأخرى زراعية وغيرها، وإذا ما راجعنا التعليم في العراق، فلن نجد رؤيةً واضحةً ولا مقوّماتٍ رصينةً للعمليّة التعليميّة، وثمّة مشاكل عويصةٌ في التعليم منذ تأسيس الدولة العراقيّة إلى يوم الناس هذا".
وتحدّث رئيس المؤسّسة عن سبب اختياره لهذا الموضوع قائلًا: "عندما كتبت استراتيجيّة الأمن الفكري وجدت أن أهم ركن من أركان الأمن الفكري هو التعليم، فبحثت عن أسباب إخفاق التعليم وفشله في العراق، ووجدت هناك أسبابًا متعدّدةً، بيد أنّ السبب الأساسيّ يرجع إلى ازدواجية المناهج".
ولفت رئيس المؤسسة عناية مشاهديه إلى ضرورة إيجاد حلول رصينة لمشاكل التعليم في العراق، خصوصًا ما يتعلّق بالمناهج.
التعليم في العراق
وفي معرض تناوله لموضوع التعليم في العراق، بين الدكتور الوائلي أنّ "أول ما قام به الاستعمار الاستيطاني هو فصل المجتمع عن ثقافته السابقة، بطريقة تغيير نظام التعليم؛ لأن نظام التعليم في الدول العربية والإسلامية، كان نظامًا تقليديًّا يسمّى بالكتاتيب، وكان قائمًا حتّى سقوط الدولة العثمانيّة".
وأشار إلى أنّ "نظام الكتاتيب يؤمّن جانبًا مهمًّا بالنسبة الفرد والمجتمع المسلم، خصوصًا في الجانبين الثقافيّ والدينيّ، لكنه يحرمه من جوانب أخرى"، مبيّنًا أنّنا "لسنا مناصرين لنظام الكتاتيب، لكنّه نظامٌ كان يؤمّن القوة الثقافية والدينية للشخصية المسلمة".
ولفت إلى أن الاحتلال الاستيطاني بالإضافة إلى تغييره لنظام التعليم، جاء بنظام حسي تجريبي يتنافى مع رؤية المجتمع وطبيعة ما يذهب إليه من رؤية كونية، وقد ولّد حالةً من الازدواجية في شخصيّة المتعلّم بالدول العربية والإسلامية؛ لأنّه يسير وفق منهج حسي ويعتقد أن هذا المنهج منهج رصين يؤدي به إلى نتائج واقعية".
وتابع قائلًا: "بعد دراسة المتعلّم للمنهج الحسّيّ أعُطي دروسًا نصّيّةً في التربية الدينيّة، فواجه إشكالياتٍ مختلفةً في فهم المواضيع الميتافيزيقية وتقبّل حقائقها، الأمر الّذي وضع الطلّاب والمتعلّمين في حالة إرباك".
و"نحن اليوم نجد بعض أبنائنا قد تخلّوا عن الدين عند وصولهم إلى مرحلة الإعدادية؛ لأنهم درسوا الدين بطريقة تلقينية وليست مستدَلّةً، فعندما نضجت ذهنية الطالب وجد أن هذه المعلومات الدينية لا قيمة علمية لها، واستنكرها، فأصبح الطالب بين حالتين إمّا أن يتمسك بتقاليده ودينه بطريقة تلقينية، أو يتخلّى عن ذلك ويصبح ملحدًا، وهي مشكلة حصلت بسبب ازدواجية المنهج".
الرؤية الصحيحة
وفيما يتعلق بالرؤية الّتي يجب أن تتّبع في وزارة التربية العراقية، دعا رئيس مؤسسة الدليل الوزارة إلى الاهتمام بالتعليم عمومًا والتعليم الديني خصوصًا، مشيرًا إلى أنّ التعليم الديني الصحيح يعطي دعمًا روحيًّا قويًّا، ويمنح النفس المعرفة والثقة بمكانتها.
وبين أنّ الخروج من إشكالية المناهج في التعليم "يكمن في عملية التعليم نفسها؛ إذ لا بدّ من أن تسبقها عملية التربية الفكرية، ولا بد أن نربي الطفل فكريًّا قبل منحه المعلومات الدينية والميتافيزيقية".
وعن الآليات المتّبعة لتربية الطفل فكريًّا وذهنيًّا، أكّد الدكتور الوائلي أنّ "مؤسسة الدليل لديها آليات خاصة في هذا المجال"، مشدّدًا على إلغاء طريقة التعليم المتّبعة حاليًّا، ومنوّهًا إلى أنّ "هذا التعليم لن يؤدّي إلى نتائج سليمةٍ، ولا ينسجم مع رؤية المجتمع، ولا يوصلنا إلى ما نطمح إليه من بناء قادةٍ دينيين وعلماء، بل يصنع شخصياتٍ مهزوزةً نفسيًّا وفكريًّا".
وأضاف أنه "لا يجب أن يعطى الطالبُ التربيةَ الدينية والإسلامية في المرحلة الابتدائية، بل يجب أن يعطى التربية الفكرية، مضافًا إلى التربية السلوكية، ثم في المرحلة المتوسّطة يعطى الطالب المشتركات في الرؤية الكونية بين جميع الأديان وهو (التوحيد والمعاد والنبوّة)، إلى أن يصل إلى الجامعة ويختار المنهج الصحيح".
يشار إلى أنّ الندوة العلميّة عُقدت لرئيس المؤسّسة وبُثّت عبر شبكة المعلومات العالميّة (الإنترنيت)، وناقش المشاهدون رئيس المؤسّسة وأفكاره الّتي طرحها في الندوة.
شاهد الخبر في رابط التالي:
https://aldaleel-inst.com/653