النظرية المهدوية... دراسة في واقعها العقلي والروائي

2024 December 14

حوار مع الدكتور يحيى عبد الحسن هاشم

في كتابه "النظرية المهدوية.. دراسة في واقعها العقلي والروائي"

 

أولا: ما الفكرة العامة للكتاب؟ ويا حبذا بيان شيء عن فصوله.

الفكرة العامة لكتاب "النظرية المهدوية.. دراسة في واقعها العقلي والروائي" تتناول إثبات فكرة "المنجي العالمي" من خلال التحليل العقلي والنقلي (الروائي)، مع التركيز على مقاربات الفكرين السني والشيعي لهذه القضية، وعلى أهمية الحوار الهادئ والموضوعي بين الطوائف المختلفة، ودفع أهم الشبهات التي تعتري مسار هذا البحث المهم والحيوي.

الكتاب يسعى لتأكيد أن فكرة المخلص أو المنجي ليست حكرا على طائفة معينة أو ديانة واحدة، بل هي نظرية عالمية تشترك فيها مختلف الديانات والثقافات، وإن كان الجدل يثار حول هوية هذا المنجي ومصداقه.

إذن هي ليست مجرد فكرة دينية معزولة، بل هي مفهوم متجذر في العقل البشري، مشترك بين مختلف الأديان والثقافات. ومن خلال الأدلة العقلية والروائية، يمكن إثبات أن هذه الفكرة ليست محالة عقليا أو وهمية، بل لها أساس متين يعزز من إمكانية تحققها في هذا العالم، وهذا ما أثبته الكتاب.

وأما محتويات الكتاب:

فقد وضحنا في مقدمة الكتاب أن من الضروري التأصيل للأطروحة المهدوية؛ باعتبارها واقعا حقيقيا عاشه المسلمون على مستوى الفكر والسلوك والعقيدة. وكذلك عرضنا رؤية مهمة وهي أن الكتاب يسعى إلى توضيح أسس الحوار العلمي مع "الآخر"؛ لأن أغلب بحوث الكتاب تتناول الأطروحة المهدوية ضمن إطار حواري. يأتي ذلك في ظل وجود أطراف قد لا تلتزم بمبدإ الحوار أو لا تعتمد منهجا علميا متوازنا في تعاملها مع هذه الأطروحة.

المنهج المتبع في الكتاب هو المنهج الاستقرائي التحليلي الموضوعي، والذي يعتمد على جمع الأدلة وتحليلها وفق معايير علمية دقيقة، بالإضافة إلى النقد الذي يستند إلى قواعد ثابتة.

وفصول الكتاب تجلت بالتالي:

الفصل الأول: منهجية الحوار العلمي مع الآخر.

يركز على أهمية اتباع نهج علمي في الحوار حول الأطروحة المهدوية، مع احترام الرأي الآخر واستناد النقاش إلى الأدلة العقلية والموضوعية.

الفصل الثاني: فهم العقل وإذعانه لمنطق القضية المهدوية.

يستعرض كيفية استيعاب العقل البشري لمفاهيم العدالة والتغيير، وإذعانه لمنطق قضية الإمام المهدي من حيث الضرورة العقلية والحكمة من ورائها.

الفصل الثالث: النظرية المهدوية فوق الشبهات.

يتضمن هذا الفصل أربعة مباحث رئيسة تتناول الرد على الشبهات المثارة حول النظرية المهدوية:

المبحث الأول: واقعية شخصية الإمام المهدي وحقيقتها.

يتناول إثبات الوجود التاريخي والواقعي للإمام المهدي، مستندا إلى الأدلة العقلية والنقلية.

المبحث الثاني: شبهات حول الشخصية الحقوقية للإمام المهدي.

يرد على الطعون التي تثار حول مقام الإمامة بشكل عام، ويثبت مكانة شخص الإمام المهدي من خلال الأدلة العقلية والتاريخية.

المبحث الثالث: شبهات حول مناشئ النظرية المهدوية.

يركز على دحض الادعاءات التي تشكك في أصول النظرية المهدوية وأسسها.

المبحث الرابع: شبهات الغيبة، فلسفتها ومقاصدها وأهم الطعون التي وردت عليها.

يتناول الغيبة الكبرى، وفلسفتها، وما ورد من طعون على هذه العقيدة، مع تحليل دقيق لمقاصد الغيبة وأهميتها في السياق الديني والتاريخي.

الكتاب بهذا الترتيب يسعى لتقديم فهم عميق ومنهجي للنظرية المهدوية، والرد على الشبهات بشكل عقلاني ونقلي، مع الحرص على تفعيل الحوار العلمي الموضوعي.

ثانيا: ما أهم الدوافع التي حفزت الكاتب للتأليف في هذا الموضوع؟

الدوافع التي جعلتني أتناول هذا الموضوع تنبع من شعور عميق بالحاجة إلى تأصيل النظرية المهدوية من زاوية عقلية؛ نظرا لندرة الأبحاث التي تناولتها بشكل مؤصل ومنهجي. وقد لاحظت أن الكثير من الأعمال السابقة اقتصرت إما على الجوانب الروائية أو العقدية التقليدية دون تقديم تفسيرات عقلية متينة لدعم هذه النظرية. بالإضافة إلى ذلك، الشبهات التي أثيرت حول صحة الروايات المتعلقة بالمنجي العالمي ومصداقيتها، والتي لم نجد الردود الموضوعية المناسبة عليها.

ومن هذا المنطلق، أخذ الكاتب على نفسه - ومن خلال مؤسسة الدليل - تناول هذا الموضوع عبر:

1- تقديم إطار عقلاني متكامل يدافع عن إمكانية وجود المنجي العالمي، وذلك من خلال الاعتماد على قواعد العقل والمنطق والنص.

2- جمع الروايات وتوثيقها: التركيز على الروايات المتواترة والمتضافرة التي تدعم النظرية، وتقديمها بطريقة موضوعية ومنهجية لتكون مرجعا يعتمد عليه.

3- الرد على الشبهات: التصدي للشبهات المثارة حول النظرية بشكل علمي، مع مراعاة النزاهة العلمية والموضوعية في التعامل مع النصوص والمفاهيم الدينية.

وقد كان الهدف النهائي للكاتب هو سد الفجوة في الدراسات حول هذه النظرية، وتقديم رؤية متكاملة ومؤصلة علميا، تتناسب مع متطلبات العصر والمستوى الفكري المعاصر.

ثالثا: كم استغرق تأليف الكتاب؟ وما أهم المشاكل والتحديات التي واجهت الكاتب في ذلك؟

استغرقت هذه الدراسة ما يقارب السنتين، ومن أهم الإشكاليات التي واجهتني كان الحصول على المصادر اللازمة، خاصة المصادر الأولية القديمة التي تمثل أساس الموضوع، بالإضافة إلى المصادر الثانوية التي تليها. كما كان ضيق الوقت مع كثرة مشاغل الحياة والتزاماتي - بوصفي أستاذا جامعيا - تحديا آخر. ومع ذلك، لم تمنعني هذه الصعوبات من تناول هذه الفكرة وتقديم إثبات متكامل للنظرية المهدوية.

ففكرة المنجي العالمي هي فكرة عالمية وواقعية، يثبتها العقل والنقل معا، ولما يقوله علماء المدرسة الشيعية حول هذه النظرية ما يبرره علميا وبشكل دقيق ومؤصل.

رابعا: بعد نشر الكتاب كيف وجد الكاتب التفاعل مع محتواه؟ وهل ثمة تواصل معين مع المؤلف ومناقشات مهمة حصلت بعد صدوره؟

بعد نشر الكتاب، شهدت تفاعلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وقناتنا في التليجرام (أفق المعرفة)، إضافة إلى الموقع الإلكتروني الخاص بي. كما شهدت ترحيبا بالكتاب من قبل بعض الأساتذة والطلاب في الجامعات العراقية، وخاصة في جامعة البصرة؛ إذ اقتنوا نسخا منه. هذا التفاعل أدى إلى نشوء جدل علمي موضوعي، ونوقشت العديد من الأفكار بشكل معرفي ونقدي، مما أضاف عمقا معرفيا لمحتوى الكتاب وما ورد فيه من بحوث مهمة شكلت الإطار العام لهذه النظرية في بعديها العقلي والروائي والنظري والتطبيقي.

خامسا: ما دور مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث في تأليف هذا الكتاب؟ وما الدعم المقدم من قبلها في هذا الخصوص؟

لعبت مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث دورا تفاعليا وفعالا في تأليف هذا الكتاب، وكان لها أثر كبير في إتمامه، خصوصا من حيث الدقة العلمية والموضوعية. فالمؤسسة تعتمد على هيكلية تنظيمية متينة؛ إذ كان هناك تعاون مستمر في عدة مراحل علمية، بدءا من قبول فكرة الكتابة في موضوع معين، مرورا بالإشراف على الكتابة، وصولا إلى المراجعة العلمية والتدقيق اللغوي.

إن دعم المؤسسة شكل عنصرا أساسيا في إخراج الكتاب بشكل دقيق ومنهجي وبحلة قشيبة وجميلة.

سادسا: ما مصادر قوة الكتاب؟ وما أهم ما يميزه؟

مصادر قوة الكتاب يمكن أن تستنتج من عدة جوانب، نذكر منها ما يلي:

1- الانفتاح العلمي: الكتاب يعرض منهجية للحوار مع الآخر، مما يعني أنه لا يتجنب النقاشات الفكرية، بل ويعالج القضايا بشكل منفتح ومنهجي.

2- الموضوعية العلمية: يتميز الكتاب بتجرد الكاتب من القبليات المذهبية، مما يعني أنه لم ينحز مسبقا لفكرة معينة، ولم يؤثر فيه تعصب مذهبي أو ديني، بل ناقش الأفكار بشفافية وعقلانية مجردة.

3- موثوقية المصادر: الكتاب يستند إلى عدد كبير من المراجع بلغت 226 مرجعا، مما يمنحه قوة بحثية وعلمية، ويؤكد مصداقيته ليكون مرجعا علميا موثوقا.

4- التأسيس المنطقي: الكتاب يركز على كيفية قبول العقل الإنساني لمنطق الفكرة المهدوية، مما يعطي القارئ أساسا فكريا متينا لفهم المفاهيم المطروحة.

5- الردود التفصيلية: قوة الكتاب تأتي من تناوله التفصيلي للشبهات، بدءا من واقعية شخصية الإمام المهدي، مرورا بمناشئ الأسباب بالقول بهذه النظرية، وانتهاء بالشبهات المرتبطة بالغيبة وفلسفتها و...

6- تنظيم الأفكار: الكتاب منظم بطريقة تسهل على القارئ تتبع الأفكار والشبهات، ومن ثم فهم الردود الممنهجة والعلمية التي تناولها.

7- اتباع مبان علمية متينة: يعتمد الكتاب على المباني العلمية التي يتفق عليها العلماء من مختلف المذاهب، مما يجعله حجة قوية في الرد على الاعتراضات.

بناء على هذه العناصر، تتجلى مصادر قوة الكتاب في تقديمه لمحتوى عميق ومنظم ومنهجي، مما يجعله أداة فعالة لإقناع العقل الإنساني بقبول هذه الأطروحة العالمية.

شاهد الخبر في رابط التالي:

https://aldaleel-inst.com/6920