أعلام علم الكلام.. الفضل بن شاذان الأزديّ

2020 April 28

الشيخ صفاء الدين الخزرجي

المقدمة

إنّ للبحث في حياة القدماء من متكلّمينا، واستشراف سيرتهم وما يتّصل بحياتهم، أهمّيّةً فائقةً، تتجسّد في الكشف عن معالم تلك المرحلة المتقدّمة ومعطياتها من تاريخ علم العقائد والكلام، وتتضاعف قيمة البحث عندما يكون الحديث عن أعلام المتكلّمين من أصحاب الأئمّة الطاهرين؛ وذلك لقربهم وإدراكهم عصر النصّ، والفترة الّتي احتدم فيها الصراع الكلاميّ بين المدارس والتيّارات الفكريّة والكلاميّة.

ارتأينا هنا أن ندرس حياة أحد أشهر متكلّمي عصر الحضور، الّذين اضطلعوا بدورٍ علميٍّ مرموقٍ في رفد حركة الدفاع عن الدين، وهو الشيخ الأجلّ المتكلّم والفقيه والمحدّث الكبير الفضل بن شاذان النيسابوريّ.
اسـمه وكنيته:
هو الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمّدٍ النيسابوريّ الأزديّ (انظر: قاموس الرجال، ج 8، ص 418). وقد شاركه في هٰذا الاسم الفضل بن شاذان الرازيّ من العامّة، وتوهّم ابن النديم أنّه فضل الشيعة، وأنّ له كتبًا على المذهبين، بيد أنّ الشيخ الطوسيّ قد تنبّه بعد نقله عنه أنّ لابن شاذان الشيعيّ كتبًا على مذهب العامّة؛ لذٰلك قال: (وأظنّ أنّ هٰذا الّذي ذكره هو الفضل بن شاذان الرازيّ الّذي يروي عنه العامّة، لا الأزديّ النيسابوريّ). وادّعى بعض المحقّقين أنّ اسم والد الفضل هو «الخليل»، وأنّه يلقّب بشاذان.

أسرة الفضل بن شاذان:
يبدو أنّ أسرة آل شاذان أسرةٌ عربيّةٌ من الأزد، بيد أنّه لم يُعلَم على وجه الدقّة منحدرها وموطنها الأصليّ، وأمّا النسبة إلى (النيسابوريّ) - إذ يطلق هٰذا اللقب على الفضل وأبيه وغيرهما من أفراد هٰذه الأسرة في جملةٍ من الأسانيد وكتب الرجال - فلم يتحدّد مبدؤها والمنشأ فيها؛ إذ إنّ نشأة الفضل كانت بالعراق في بغداد والكوفة، وقد كان في تلك البرهة برفقة أبيه شاذان، وقد دامت هٰذه النشأة نحوًا من خمسين عامًا أو يزيد؛ ولذٰلك فإنّ نسبة الأب إلى نيسابور قد تكون بلحاظ تواجده فيها قبل قدومه إلى بغداد، أو بلحاظ تواجد من سبقه من آبائه في تلك البلاد، ويمكن أن تكون ولادة الفضل فيها ثمّ قدم العراق مع أبيه. نعم من المتيقّن المعلوم توجّه الفضل إلى نيسابور - بعد مغادرته العراق - ومكثه فيها إلى أن أدركته المنيّة هناك، حيث قبره وبقعته الآن.

مكانة الفضل في الطائفة:
وردت في حقّه الكثير من الكلمات في جلالة أمره، حتّى وصفه العلّامة الحلّيّ برئيس الطائفة كما سيأتي، وقبل كلّ ذٰلك ثناء الأئمة (ع) عليه، وإليك لمحةً من ذٰلك:
أثنى عليه الإمام الحسن العسكريّ (ع) في حقّه بعد عرض كتابه عليه، حيث قال فيه: «أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم»، وكفاه بذٰلك فخرًا كما قال ابن داود. وذكر الكشّيّ أنّه ترحّم عليه ثلاثًا ولاءً.
 وقال عنه النجاشيّ: «أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين، وله جلالة في هٰذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه».
وأثنى عليه شيخ الطائفة بقوله: «الفضل بن شاذان فقيهٌ متكلّمٌ جليل القدر».
وأطراه ابن داود فقال: «كان أحد أصحابنا الفقهاء العظام والمتكلّمين، حاله أعظم من أن يشار إليها».
وبجّله العلاّمة بهٰذه العبارة: «كان ثقة جليلًا فقيهًا متكلّمًا، له عظم شأن في هٰذه الطائفة. وهٰذا الشيخ أجلّ من أن يغمز عليه؛ فإنّه رئيس طائفتنا ».

توثيقـه:
    قال النجاشيّ بعد توثيقه له: إنّه في قدره أشهر من أن يوصف، وعلى كلّ حال فليس ثمّة من يتوقّف في أمره، بالرغم من وجود بعض الأخبار الواردة فيما هو خلاف ذٰلك، والّتي لم يعبّأ بها أحدٌ من العلماء، وسيأتي التعرّض لذٰلك.
نشــأته وبيئته:
ليس فيما نملكه من معلوماتٍ حول بدايات نشأة المترجم له ما يلقي الضوء على الخطوط التفصيليّة للأدوار الأولى لحياته وما اكتنفها من ملابساتٍ، غير أنّ ثمّة معلوماتٍ يسيرةً تكشف عن بدايات نشأته في دراسة العلوم الشرعيّة، وتعرّفه على الحسن بن عليّ بن فضالٍ الّذي كان من خواصّ الامام الرضا (ع)، والموصوف بجلالة القدر وعظيم المنزلة والزهد والورع والوثاقة.
والمستند في ذٰلك هو ما أورده النجاشيّ في ترجمة ابن فضالٍ في حديثٍ عن ابن شاذان فصّل فيه قصّة تعرّفه على ابن فضّال ولحوقه به في الكوفة وقراءته عليه كتاب ابن بكيرٍ، وكذٰلك يتضمّن الخبر قراءته في مبتدإ أمره على يد إسماعيل بن عبّادٍ في مسجد الربيع في قطيعة الربيع، ثمّ التحقّ بعد ذٰلك بالكوفة، وقد كانت قطيعة الربيع - بالكرخ من بغداد - مركزًا هامًّا لتلقّي الحديث والفقه، تخرّج منها عشرات المحدّثين سيّما من الجمهور، كما يظهر هٰذا من تراجم كثيرين ممّن ترجم لهم الخطيب البغداديّ في تاريخه.
وعلى كلّ حال، فإنّ لهٰتين البيئتين (بغداد والكوفة) الأثر البالغ في تكوين شخصيّة الفضل وتنضيجها؛ إذ إنّ معظم مشايخه العظام - كيحيى بن صفوان وابن أبي عميرٍ ومحمّد بن إسماعيل بن بزيعٍ ويونس بن عبد الرحمٰن - كانوا من الكوفة أو بغداد.
وأمّا بيئته ومجتمعه في نيسابور - الّتي انتقل إليها بعد مدّة دراسته وأخذه عن مشايخه في الكوفة وبغداد - فقد كانت معهدًا علميًّا كبيرًا في العالم الإسلامي آنذاك، قد تخرّج منها من أئمّة العلم من لا يحصى، كما نصّ عليه الحمويّ، وقد وصفها هو بأنّها «مدينةٌ عظيمةٌ ذات فضائل جسيمةٍ، معدن الفضلاء ومنبع العلماء، لم أر فيما طوّفت من البلاد مدينةً كانت مثلها».
ولا ريب في أن يكون لمتكلّمٍ بارعٍ كالفضل الدور الفاعل والأداء المطلوب في النهوض بالمسؤوليّة العلميّة الّتي على عاتقه لترسيخ دعائم الحقّ، ومن هنا جاءت مصنّفات الفضل منسجمةً مع الهدف المذكور، ومتأثّرةً بالجوّ العلميّ في نيسابور، المتلوّن بمختلف العقائد والآراء والفرق، وهٰذا ما سوف نعود إليه عند البحث في البعد الكلاميّ من شخصيّة الفضل بن شاذان.

 رحلاته
سافر الفضل الى أكثر من بلد طلبًا للعلم أو نشرًا له، فقد عرفنا من ثنايا الكلام عن بيئته أنه ذهب إالى بغداد والكوفة وقد أخذ من أعلامها ومشايخها الاجلاء من أمثال ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ومحمد بن اسماعيل بن بزيعٍ ويونس عبد الرحمٰن والحسن بن عليّ بن فضّالٍ كما سيأتي في ذكر مشايخه، وقد استفاد من ابن عميرٍ وصفوان فترةً طويلةً بلغت الخمسين عامًا، كما أنّه قد دخل واسط أيضًا، كما صرّح به هو في ترجمة هشام بن الحكم، إذ ذكر أنّه رأى داره بواسط، واستقرّ أخيرًا بنيسابور الّتي كان له فيها دورٌ علميٌّ بارزٌ إلى أن توفّي بها.
 
سيرته العلميّة:

أوّلًا: تتلمذه وتكوينه العلميّ
لقد تميّزت مشيخة الفضل بن شاذان بوجود نخبةٍ من أعيان أصحاب الأئمّة (ع) والرواة عنهم، ونحن نذكر طائفةً من هٰؤلاء المشايخ العظام:
1 ـ محمّد بن أبي عميرٍ الأزديّ
قال النجاشيّ في حقّه: «جليل القدر عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين، لقاه الفضل وروى عنه، وكان ذٰلك في أيّام شيخوخة ابن أبي عميرٍ وبعد قضيّة تعذيبه وضربه من قبل هارون الرشيد».
قال الفضل: «أخذ يومًا شيخي بيدي، وذهب بي إلى ابن أبي عميرٍ، فصعدنا إليه في غرفةٍ وحوله مشايخ له يعظّمونه ويبجّلونه، فقلت لأبي: من هٰذا ؟ قال: هٰذا ابن أبي عميرٍ، قلت: الرجل الصالح العابد؟ قال: نعم».
وحدّث الفضل أيضًا عن ابن أبي عمير بقصّة ضربه وما جرى له فيها فقال: سمعت ابن أبي عميرٍ يقول: لمّا ضربت فبلغ الضرب مئة سوطٍ أبلغ الضرب الألم إليّ، فكدت أن أسمّي، فسمعت نداء محمّد بن يونس بن عبد الرحمٰن يقول: يا محمّد بن أبي عميرٍ، أذكر موقفك بين يدي الله تعالى، فتقوّيت بقوله فصبرت ولم أخبر والحمد لله.
2 ـ صفوان بن يحيى
ووردت رواياتٌ عنه في الاستبصار والتهذيب، روى الكشّيّ عن جعفر بن معروفٍ قال: «حدّثني سهل بن بحرٍ الفارسيّ قال: سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به يقول: أنا خلفٌ لمن مضى؛ أدركت محمّد بن أبي عميرٍ وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة».
3 ـ يونس بن عبد الرحمٰن (المتوفّى 208 هـ)
والظاهر أنّه قليل الرواية عنه، ومن رواياته عنه ما رواه في الكافي المجلّد السابع، كتاب الوصايا، وقد كان يونس وجهًا متقدّمًا عظيم المنزلة، قد روى عن أبي الحسن موسى والرضا (ع)، وكان الرضا (ع) يشير إليه في الفتيا والعلم.
    4 ـ أبوه شاذان بن الخليل
نصّ عليه الكشّيّ، وله رواياتٌ عنه في الكتب الأربعة وغيرها، وهو من أصحاب الجواد (ع).
    5 ـ الحسن بن عليّ بن فضّالٍ (المتوفّى 224 هـ).
    6 ـ محمّد بن إسماعيل بن بزيعٍ
من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (ع)، كوفيٌّ ثقةٌ صحيحٌ.
    7 ـ فضالة بن أيّوب
كان ثقةً في حديثه مستقيمًا في دينه، قد روى عن أبي الحسن موسى (ع)، وكان قد سكن الأهواز.
    8 ـ عثمان بن عيسى
أبو عمرٍو العامريّ أو الكلابيّ، كان شيخ الواقفة ووجهها، وأحد المستبدّين بأموال موسى بن جعفر (ع)، ثمّ تاب وبعث المال للرضا(ع)، وترك منزله بالكوفة، وأقام بالحائر لرؤيا رآها.

ثانيًا: تلامذته والرواة عنه
1 ـ عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ
قال النجاشيّ فيه: «عليه اعتمد أبو عمرٍو الكشّيّ في كتابه (الرجال). صاحب الفضل بن شاذان وراوية كتبه. له كتبٌ منها: كتابٌ يشتمل على ذكر مجالس الفضل مع أهل الخلاف».
2 ـ محمّد بن إسماعيل أبو الحسن النيسابوريّ البندقيّ
يدعى بندفر، يروي عنه الكلينيّ والكشيّ.
3 ـ عليّ بن شاذان
وقد روى ابنه أبو نصر عنه عن الفضل، ذكره الشيخ في طريقه إلى ابن شاذان.
4 ـ جعفر بن معروفٍ
 من مشايخ الكشّيّ، من أهل كشّ، وكان وكيلًا مكاتبًا. ذكره الشيخ في من لم يرو عنهم، يروي تارةً عن الفضل بواسطة سهل بن بحرٍ الفارسيّ، وتارةً بلا واسطةٍ.
5 ـ عليّ بن محمّدٍ الحدّاد
يكنّى أبا الحسن، وهو صاحب كتب الفضل، وروى عنه التلعكبريّ إجازةً.
6 ـ سهل بن بحرٍ الفارسيّ
كان مقيمًا بكشّ، ذكره الشيخ في من لم يرو عنهم.
وهناك جملةٌ أخرى من الرواة عنه لم نتعرّض لهم للاختصار.

ثالثًا: آثاره العلميّة
تميّز العطاء العلميّ للفضل بن شاذان بالوفرة والكثرة في مختلف الاتّجاهات والعلوم، وقد بلغت مؤلّفاته وكتبه مئةً وثمانين مؤلّفًا، ولم يبق منها شيءٌ حتّى اليوم سوى كتاب (الإيضاح).
وقد أقرّ الإمام العسكريّ (ع) بعض كتبه عند عرضه عليه، وهو كتاب (يومٌ وليلةٌ)، إذ قام بعرضه (بورق البوشنجانيّ) عند توجّهه إلى سامرّاء، قال بورق: «دخلت على أبي محمّد وأريته ذٰلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، إن رأيت أن تنظر فيه، فلمّا نظر فيه وتصفّحه ورقةً ورقةً قال: هٰذا صحيحٌ ينبغي أن يعمل به، ثمّ ترحّم على الفضل بعد ذٰلك».
والظاهر وصول كتبه إلى زمن الشيخ الطوسيّ ومن بعده، إذ إنّ للشيخ (كتاب النقض على ابن شاذان في مسألة الغار)، كما أنّ كتاب (الغيبة) للفضل قد وصل للسيّد عليّ بن عبد الحميد، وهو ينقل عن أصل هٰذا الكتاب.

رابعًا: أبعاده العلميّة (البعد الكلاميّ)
وهو من أبرز الأبعاد في النشاط العلميّ للفضل، بل إنّ لهٰذا البعد ظهورًا مبكّرًا لديه، وهو بعد في أوائل أمره، ممّا لفت نظر شيخه الحسن بن عليّ بن فضّالٍ، إذ كان ـ كما يقول الفضل ـ يغري بينه وبين أبي محمّد الحجّال الّذي كان من أجدل الناس وأكثرهم تمكّنًا من الكلام والجدل، وذٰلك في أكثر البحوث حساسيّةً وهو موضوع (المعرفة)، ويكفي لإثبات اقتداره وغوره في هٰذا المجال ملاحظة مصنّفاته وكتبه، إذ اتّسمت بالطابع الكلاميّ في أكثر من مفردةٍ من مفرداتها، وقد يبدو هٰذا تعبيرًا طبيعيًّا عن المناخ العلميّ الساخن الّذي كانت تعيشه نيسابور، حيث اختلاف المذاهب والفرق، ممّا يدعو إلى تركيز الجهد باتّجاه تثبيت الخطّ الفكريّ والعقديّ والفقهيّ للمذهب من جهةٍ، ونقد العقائد الأخرى ودراستها من جهةٍ ثانيةٍ.
أمّا كتاباته في البحوث الكلاميّة فقد بحث مسائل التوحيد والإمامة - وله فيها ثلاثة كتبٍ - والرجعة والوعد والوعيد والايمان والاستطاعة وغيرها من مباحث العقيدة والكلام.
كما أنّ له عدّة مصنّفاتٍ نقديّةٍ لآراء ومعتقدات المذاهب الإسلاميّة الأخرى على طريقة النقض، ومن تراثه الكلاميّ الواصل إلينا كتاب (الإيضاح) الّذي ألّفه في الردّ على القول بالاجتهاد والرأي والاستنباطات الظنّيّة، وقد ناقش فيه جملةً من المدارس والتيّارات الفكريّة والكلاميّة في عصره، كالمرجئة والخوارج والغلاة والمجسّمة والحشويّة المعتزلة وغيرها، وذٰلك من خلال نقدها في عدّة مسائل مختلفٍ فيها في التفسير والفقه والحديث والتاريخ، سالكًا في ذٰلك كلّه طريق الاحتجاج والإلزام والتحاكم إلى نفس ما رواه الجمهور في تلك المسائل؛ لتكون الحجّة ألزم وأقوى.
إنّ المنهج الّذي اتّبعه الفضل في كتابه هٰذا هو من أمتن المناهج وأكثرها فائدةً ونفعًا، وقلّما يوجد في كتب الكلام من سلك هٰذا المنهج، وكلّ من وقف على كتابه هٰذا وأمعن النظر فيه يجد القدرة التامّة والكفاءة العالية الّتي يتمتّع بها مؤلّفه في مقام المحاججة وإلزام الخصم واستدراجه ثمّ النقض عليه، واطّلاعه الوافر على ما رواه وقاله علماؤهم في كلّ مسألةٍ يردّ فيها عليهم، فيلزمهم بذٰلك كلّه.
ومن الأمور الأخرى الّتي نلحظها في البعد الكلاميّ لدى الفضل هو تصدّيه لمواجهة خطّ الغلو، وذٰلك من خلال الكتب الّتي كتبها في الردّ عليهم ونقدهم، وكذٰلك من خلال تضعيفه لبعض رواة خطّ الغلوّ ورموزه وشخصيّاته، مثل تضعيفه لابن بابا القمّيّ وأبي الخطّاب ويونس بن ظبيان وأبي العبّاس الطبرنانيّ وأبي سمينة، حتّى أنّه قال فيه: «كدت أقنت على أبي سمينة، فقال له القتيبيّ: وَلِمَ استوجب القنوت من بين أمثاله (أي من الغلاة)؟ قال: لأنّي أعرف منه ما لا تعرفه».
وقال الفضل بن شاذان في بعض كتبه: «الكذّابون المشهورون: أبو الخطّاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد بن الصايغ، ومحمّد بن سنانٍ، وأبو سمينة أشهرهم وجميع هٰؤلاء - سوى يزيد الصائغ - قد نُصَّ على غلوّهم».
وأخيرًا، فإنّ الفضل قد تعرّض لبعض المضايقات نتيجة لتشيّعه وعقائده المذهبيّة، فقد ذكروا أنّه قد نفاه والي نيسابور عبد الله بن طاهرٍ بعد أن دعاه واستعلم كتبه وأمره أن يكتبها، فكتب الفضل تحته: الإسلام الشهادتان وما يتلوهما.

خامسًا: مؤلّفاته في العقائد والكلام
شارك الفضل في أكثر من علمٍ وفنٍّ، ومن الملاحظ في تراثه الكلاميّ مواكبته لما يدرح في الساحة العلميّة أوّلًا بأوّلٍ، لا في ما يكتب ويؤلّف أو ينشر ويقال، بل حتّى ما يترجم من الحضارات الأخرى، كما في ردوده على الفلاسفة، وعلى كلّ حالٍ فنحن نقتصر هنا على ذكره كتبه الكلاميّة فقط، وهي ما يلي:

    1ـ كتاب النقض على الإسكافيّ في تقوية الجسم.
2ـ كتاب الوعيد.
    3ـ كتاب الردّ على أهل التعطيل.
    4ـ كتاب الاستطاعة.
    5ـ كتاب مسائل في العلم.
6ـ كتاب الأعراض والجواهر، وفي الفهرست: كتاب النقض على من يدّعي الفلسفة في التوحيد والأعراض والجواهر والجزء.
    7 ـ كتاب الإيمان، ويحتمل (الأيمان) فيكون في الفقه.
    8ـ كتاب الردّ على الثَّنَوِيَّةِ.
    9ـ كتاب إثبات الرجعة.
    10ـ كتاب الرجعة، حديث.
    11ـ كتاب الردّ على الغاليّة المحمّديّة.
    12ـ كتاب تبيان أصل الضلالة.
    13ـ كتاب الردّ على محمّد بن كرّامٍ.
    14ـ كتاب التوحيد في كتب الله، وفي فهرست الشيخ: كتاب التوحيد من كتب الله المنزّلة الأربعة، وهو كتاب الردّ على يزيد بن بزيعٍ الخارجيّ.
    15ـ كتاب الردّ على أحمد بن الحسين، وفي الفهرست للشيخ: كتاب الردّ على أحمد بن يحيى، ولعلّه نفس هٰذا الكتاب.
    16ـ كتاب الردّ على الأصمّ.
    17ـ كتاب في الوعد والوعيد، آخر.
    18ـ كتاب الردّ على البيان ( اليمان) بن رئابٍ، وفي فهرست الشيخ: يمان بن رباب الخارجيّ.
    19ـ كتاب الردّ على الفلاسفة.
    20ـ كتاب محنة الإسلام.
    21 ـ كتاب الأربع مسائل في الإمامة.
    22ـ كتاب الردّ على المنّانيّة ـ وفي النسخة الحجريّة الردّ على المثلّثة.
    23 ـ كتاب الردّ على المرجئة.
    24ـ كتاب الردّ على القرامطة ـ وفي الفهرست: على الباطنيّة والقرامطة.
     25 ـ كتاب الردّ على البائسة.
    26ـ كتاب اللطيف ـ وفي بعض النسخ الحجريّة: اللطف.
    27ـ كتاب القائم ؏.
    28ـ كتاب الملاحم.
    29ـ كتاب حذو النعل بالنعل.
    30ـ كتاب الإمامة كبير.
    31ـ كتاب فضل أمير المؤمنين.
    32ـ كتاب معرفة الهدى والضلالة.
    33ـ كتاب الخصال في الإمامة.
    34ـ كتاب المعيار والموازنة.
    35ـ كتاب الردّ على الْحَشَوِيَّةِ.
    36ـ كتاب الردّ على الحسن البصريّ في التفضيل.
    37ـ كتاب النسبة بين الجبريّة والثَّنَوِيَّةِ ـ وفي النسخة الحجرية: الخيريّة والشرّيّة.
    38ـ المسائل في العالم وحدوثه، ولعلّه كتاب (مسائل العلم) نفسه المتقدّم في كلام النجاشيّ.
    39ـ كتاب الردّ على الغلاة
    40ـ كتاب الردّ على الدامغة الثنويّة.
    41ـ كتاب الحسنيّ.
    42ـ كتاب الردّ على المثلّثة.
 43 ـ كتاب التنبيه في الجبر والتشبيه.
هٰذه القائمة من المصادر هي من مؤلّفات الرجل مع حذف ما أُبْهِمَ موضوعه، وهي قائمةٌ يندر وجود مثلها لمتكلّمٍ من متكلّمي الشيعة من الناحيتين الكمّيّة والكيفيّة، وقد أخبر بجملة كتبه هٰذه وغيرها أبو العبّاس بن نوحٍ قال: حدّثنا أحمد بن جعفرٍ قال: حدّثنا أحمد بن إدريس بن أحمد قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن قتيبة النيشابوريّ (النيسابوريّ) عنه بكتبه، وزاد الشيخ في الفهرست كتبًا أخرى له.
    والملاحظ لمجموع هٰذه المؤلّفات يدرك أنّ الطابع العامّ فيها يتّسم بالعناية فيما اختلف فيه الفريقان في الكلام، وسوف نتوقّف عند هٰذه النقطة بشيءٍ من التحليل والبحث.
وأمّا كتاب (الإيضاح) الموجود فعلًا بأيدينا فلا شكّ في نسبته إلى الفضل بن شاذان، بيد أنّه لم يرد نصٌّ عليه في مصدرٍ من المصادر الموجودة، كما أنّ تسميته بالإيضاح لم ترد في كلام مؤلّفه فيه على الإطلاق، وكلّ ذٰلك لا يبعّد أن تكون التسمية من مؤلّفه، وإن لم يُنَصَّ عليه لا في مطاوي بحوثه ولا في فهرستي الشيخ والنجاشيّ، وإن كان عدم ذكرهما له مع شهرة هٰذا الكتاب وتنوّع بحوثه وفوائدها الغزيرة أمرًا لا يكاد يخلو من الغرابة، وحينئذٍ يظهر ضعف ما احتمله البعض في أن يكون كتاب الديباج ـ الّذي قال عنه الشيخ: جمع فيه مسائل متفرّقة للشافعي وأبي ثور والأصفهاني وغيرهم سمّاها تلميذه علي بن محمّد بن قتيبة: كتاب الديباج ـ هو نفس كتاب الإيضاح؛ لاتّفاق وصفه مع ما ذكره الشيخ في اشتمال مسائله على ما عدّه في كلامه، وللتقارب بين اللفظتين، بيد أنّه يمكن تضعيف هٰذا الاحتمال بأمور:
الأوّل: أنّ الظاهر من نعت الشيخ لمحتوى كتاب الديباج أنّه في الفقه؛ لاشتماله على ذكر مسائل من ذكره من فقهاء العامّة، والإيضاح فيه من الفقه والكلام والحديث وغيرها، بل يغلب عليه الكلام والمحاججة.
الثــاني: أنّه لم يرد في مقدّمة كتاب الإيضاح ولا في تضاعيفه تصريحٌ أو تلويحٌ بمثل ما ذكره الشيخ الطوسي من تبرّع تلميذ الفضل بتسميته، مع أنّ المناسب في مثل هٰذه الموارد التنويه بذٰلك حفظًا للأمانة، خصوصًا من مثل تلميذ المؤلّف.
الثــالث: أنّه لم يتعرّض لمثل هٰذا الاحتمال أحدٌ من أرباب الفنّ كالنجاشيّ والشيخ الطوسيّ.
سادسًا: دور الفضل في التصدّي للتيّارات المنحرفة
إنّ المتصفّح لعناوين الكتب والمصنّفات الّتي كتبها الفضل في المجال الكلاميّ والعقديّ والّتي ضبطتها كتب التراجم يقف على الدور الهامّ الّذي اضطلع به هٰذا المتكلّم العظيم في الذبّ عن حياض الدين مقابل الفئات المشركة والملحدة الخارجة عن الدين من جهةٍ، وفي مقابل الفئات المنحرفة أو الضالّة داخل الدين من جهةٍ أخرى، ونحن نشير إلى كلا الصنفين من هٰذه التيّارات في ضوء ما ورد من تراثه الكلاميّ الّذي لم يصلنا منه للأسف أسفًا سوى كتاب الإيضاح:
أ- الرد على التيّارات من خارج الإسلام
1ـ الردّ على الثنويّة
كتب الفضل كتاب (الردّ على الثنويّة) ، والثنويّة هي الديانة الزرداشتيّة الّتي تؤمن بإلٰهين اثنين للعالم، إلٰه الخير وإلٰه الشرّ أو إلٰه الظلمة والنور، وموطنها هو بلاد فارس؛ ولذا فإنّ من المنطقيّ جدًّا أن يكون الفضل قد كتب هٰذا الردّ دفاعًا عن التوحيد بنيسابور حيث مدفنه الآن.
ويعكس هٰذا الردّ عدم انشغال الفضل بالسجال المذهبيّ، إذ كانت نيسابور بيئةً سنّيّةً آنذاك، فقد يستغرق بعض المتكلّمين بمثل هٰذه السجالات الداخليّة غافلًا الدفاع عن حفظ باقي الثغور، والردّ على باقي التحدّيات الخارجيّة.
2ـ الردّ على المنّانيّة
كتب الفضل كتاب (الردّ على المنّانيّة) ، وقد ذكر المحقّق الطهرانيّ أنّ (المنّانيّة) هي نفسها (المانويّة) ، وأتباعها هم أتباع (ماني)، والمانويّة هي من الثنويّة الّتي تؤمن بأصلين للعالم الظلمة والنور، وقد كتب الفضل في الردّ عليها أيضًا؛ لإثبات أنّ الشرور أمورٌ عدميّةٌ وإضافيّةٌ كما ثبت في علم المعقول؛ ولذٰلك فهي لا تحتاج إلى خالقٍ موجدٍ، وأنّ الخير مساوٍ للوجود.
3ـ الردّ على النصارى
كتب الفضل كتاب (الردّ على المثلّثة) ، كتبه الفضل في الردّ على النصارى.
4ـ الردّ على الفلسفات اليونانيّة الوافدة
كتب الفضل كتاب (الردّ على الفلاسفة) ، وكتاب (النقض على من يدّعي الفلسفة في التوحيد والأعراض والجواهر والجزء)، وجاءت ردوده هٰذه على المقولات الفلسفيّة في حركة الترجمة الّتي تبنّتها الدولة العبّاسيّة؛ إذ ترجمت الفلسفة من اليونانيّة إلى العربيّة، الأمر الّذي يكشف من جانبٍ آخر عن مدى مواكبة الفضل كمتكلّمٍ ضليعٍ للمشهد العلميّ والثقافيّ القائم آنذاك، ورصده والردّ على الأفكار الوافدة بسرعةٍ، وهٰذه من خصائص علمائنا السابقين في مواكبة حركة العلم والنقد والردّ السريع لما يرونه وافدًا أو شبهةً أو انحرافًا.
ب- الردّ على المذاهب من داخل الإسلام
1ـ الردّ على المجسّمة
كتب الفضل كتاب (الردّ على الحشويّة والمجسّمة) ، والمجسّمة هي من التيّارات المنحرفة الّتي ابتلي بها الإسلام والمسلمون، الّتي تثبت الجسم لله - تعالى - استنادًا لظاهر بعض الآيات والروايات، وهي لا شكّ قراءةٌ قاصرةٌ مجتزأةٌ للنصوص، وتفتقر إلى الجامعيّة والشموليّة في عملية الاستنتاج من النصوص وقراءتها، وهٰذه الآفة الفكريّة هي من إفرازات الابتعاد عن خطّ الثقلين الأصيل، وقد تصدّى الأئمّة من أهل البيت وتلامذتهم لمثل الانحرافات، ويأتي الفضل في الطليعة من أولٰئك المتكلّمين الّذين تصدّوا للردّ، ومنه يظهر زيف ما اتّهم به الفضل من القول بالتجسيم، وللاسف فإن وأسفًا نرى بعض النسخ المغلوطة لكتاب (الإيضاح) تنسب له ذٰلك أيضًا، وإن كان البعض الآخر ينفي عنه ذٰلك، والحقّ مع الثاني، بشهادة ما كتبه في الردّ على المجسّمة أوّلًا، وبشهادة أنّه هو الرأي المعروف من مدرسة أهل البيت.
وقد أفرد الفضل بابًا خاصًّا في كتابه (الإيضاح) في الردّ على المجسّمة تحت عنوان (أقاويل أصحاب الحديث)، تعرّض فيه لقراءتهم المجتزأة للنصوص فنقل بعضها، ثمّ شرع في الردّ عليها فذكر: «وإنّما تأوّلوا ذٰلك لجهلهم وقلّة معرفتهم باللغة الّتي خاطب الله بها خلقه»، ثم فصّل القول في الردّ على نصوصهم. 
2ـ الردّ على المرجئة
كتب الفضل كتاب (الردّ على المرجئة) ، والمرجئة فرقة اصطنعتها يد السياسة الأمويّة ترى عدم إخلال المعصية مهما كانت بالإيمان، فالإيمان باقٍ مهما انحرف الإنسان سلوكيًّا وارتكب من المعاصي ما ارتكب، وأمره مرجأٌ وموكولٌ إلى الله في الآخرة، وهو في الدنيا مؤمنٌ، قال الفضل في بيان معتقدهم أنّهم: «الّذين يقولون: الإيمان قولٌ بلا عملٍ، وأصل ما هم عليه أنّهم يدينون بأنّ أحدهم لو ذبح أباه وأمّه وابنه وأخاه وأخته وأحرقهم بالنار، أو زنى أو سرق أو قتل النفس الّتي حرّم الله، أو أحرق المصاحف، أو هدم الكعبة، أو نبش القبور، أو أتى أيّ كبيرةٍ نهى الله عنها، فإنّ ذٰلك لا يفسد عليه إيمانه ولا يخرجه منه، وإنّه إذا أقرّ بلسانه بالشهادتين فإنّه مستكمل الإيمان، إيمانه كإيمان جبرئيل وميكائيل، فعل ما فعل وارتكب ما ارتكب ممّا نهى الله، ويحتجّون بأنّ النبيّ قال: أمرنا أن نقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إلٰه إلّا الله» . وهٰذا النوع من الفكر من أخطر الأنواع الّتي شرعنت الظلم والجور باسم الإسلام، وساعدت في بقاء الحكومتين الأمويّة والعبّاسيّة قرونًا متماديةً، ولذٰلك فإنّ المرجئة فرقةٌ كلاميّةٌ في الظاهر، ولٰكنّها سياسيّةٌ بامتيازٍ؛ فالردّ على هٰذه الفرقة يعدّ نوعًا من الجهاد العلميّ والسياسيّ معًا، وهٰذا ما قام به الفضل بن شاذان، وقد تعرّض للردّ عليهم في كتابه (الإيضاح) أيضًا .
3ـ الردّ على الخوارج
كتب الفضل كتاب في الردّ على يزيد بن بزيعٍ الخارجيّ ، وقد أشار الفضل إلى فكر الخوارج في كتابه (الإيضاح) فعرّفه بأنّه فكرٌ «يكفّر فرق المسلمين جميعًا، ويستحلّ دماءهم وأموالهم وسبي نسائهم وذراريهم، ومن الخوارج من يستحلّ قتل النساء والولدان، ويقولون منزلتهم منزلة النطف في أصلاب المشركين، ويقولون لا حكم إلّا لله، وهم يعملون الرأي في جميع ما هم فيه، فبالرأي يقتلون ويستحيون ويحلّون ويحرمون» . ولم يسلم الفضل من غضب الخوارج الّذين قصدوه وهو ببيهقَ من لواحق نيسابور، ففرّ منهم إلى نيسابور ومات مرضًا وإعياءً في الطريق، وهو يواصل جهاده العلميّ ضدّ الانحرافات الفكريّة والعقديّة.
4ـ الرد على أهل السنّة والجماعة في الإمامة
كتب الفضل كتاب (الردّ على الحسن البصريّ في التفضيل)، وتعدّ مسألة التفضيل بين الصحابة حجر الزاوية ومحور الخلاف في مسألة الإمامة، فإذا ثبتت صغرى الأفضليّة ثبتت كبرى الإمامة والخلافة؛ لذا تعدّ مسألة التفضيل بمنزلة الحيثيّة التعليليّة للإمامة بلا شكٍّ.
5ـ الردّ على المجبرة والمفوّضة
كتب الفضل كتاب (الاستطاعة) والمراد بها الاختيار، حيث وقع البحث في أنّه - سبحانه - هل يزوّد العبد بالاختيار والاستطاعة على الفعل أو يجبره عليه، وهو البحث المعروف بالجبر والاختيار، وهو من البحوث الكلاميّة الدقيقة الّتي تناولها الفضل في كتابه هٰذا، ولم يتعرّض لها في الإيضاح.

جـ- الرد على التيّارات الفكريّة المنحرفة داخل المذهب
1ـ الرد على الغلاة
يعدّ الغلاة من أخطر التيّارات المنحرفة الّتي ابتلي بها مذهب الإماميّة، وقد تصدّى أئمّة أهل البيت لهٰذا التيّار بشكلٍ واسعٍ؛ لأنّه يقدّم قراءةً متطرّفةً عن المذهب الإماميّ، وقد كتب الفضل كتابين في الردّ على الغلاة تحت عنوان:
ـ الردّ على الغلاة .
ـ الردّ على الغاليّة المحمّديّة ، وهم الّذين ينفون موت النبيّ كما ذكر الشيخ المفيد.
2ـ الردّ على الزيديّة
كتب الفضل كتاب (الردّ على اليمان بن رئابٍ)  ويسمّى أتباعه باليمانيّة، وهم فرقة من الزيديّة تشبّه الله بالإنسان، تعالى الله عمّا يصفون.
3ـ الردّ على الباطنيّة والقرامطة
 والباطنيّة هم الإسماعيليّة أتباع إسماعيل ابن الإمام الصادق، والقرامطة أتباع حمدان بن الأشعث القرمطيّ، وهم يرون للدين ظاهرًا وباطنًا، فالظاهر هو القشر والباطن هو اللباب.

خاتمة المطاف
لقد وقفنا من خلال ما تقدّم من حديث عن حياة الفضل بن شاذان وأبعادها المختلفة ـ على الدور المرموق الّذي نهض به هٰذا المتكلّم الكبير، وعلى الجهد المعطاء الّذي قدّمه خدمةً للدين الحنيف، ولئن كانت ثمّة نقاطٌ وضّاءةٌ في حياته وشخصيّته، فإنّ تشرّفه بصحبة ورفقة الأئمّة الأطهار  تبقى هي الأكثر إشراقًا وتلألؤًا في حياة هٰذا المتكلّم والفقيه العالم، الّذي نال بجميل خصاله وسيرته رضاهم في حياته، حتّى أنّهم ليغبطون أهل بلاده في خراسان على وجوده بينهم، ثمّ كان ذٰلك أيضًا وقت رحيله، إذ ترحّم عليه الإمام العسكري وهو بسامرّاء.
وكانت وفاته سنة (260 هـ)، حيث كان في رستاق بيهق، فورد عليه خبر الخوارج فهرب منهم؛ لأنّهم كانوا يطلبونه بسبب تصدّيه العلميّ لهم، ولٰكن أعياه التعب من خشونة السفر، فاعتلّ ومات مجاهدًا في طريق العلم والحقيقة، وقد صلّى عليه أحمد بن يعقوب أبو عليٍّ البيهقي، وقبره على فرسخٍ من نيسابور خارج البلد، حيث بقعته اليوم.
فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد بعلمه ودافع عن الحقيقة ويوم ارتحل ويوم يبعث حيًّا.

يمكنكم الإطلاع على العدد بشكل كامل  هنا

شاهد المطلب في رابط التالي:

https://aldaleel-inst.com/article/15