النزعة الإيمانية التقوية عند إيمانويل كانط وأثرها على بعده النظري
حازم عبد الجبار حسن
الخلاصة
جاء هذا المقال لبيان المؤثر الحقيقي في فلسفة كانط النقدية، تلك الفلسفة التي أقصت العقل النظري من الرئاسة في المعرفة الإلهية، فالمقال عبارة عن نظرة فاحصة لما وراء المصطلحات التي سطّرها كانط في كتبه، والرجوع بالقارئ الكريم إلى البيئة والظروف التي اكتنفت حياة كانط واستولت على نفسه؛ لنجد هناك أن النشأة التي نشأ في أكنافها كانت تحمل أيديولوجيا خاصّةً أخذت بظلالها على تكوين شخصيته العلمية والعملية. ونبحث هاهنا عن الخلفية التقوية (Pietisme) التي كانت جزءًا أساسيًّا في تربية كانط، وكيف كان لها الأثر البالغ على مسار فكره وتطوّره. إنّ تلك الأجواء كانت تحمل في طيّاتها عقيدةً دينيةً، لا ترى من سبيلٍ للعقل في الإيمان بالوجود الالهي، وإنّما معرفة الله تعالى ترجع إلى مجال آخر غير العقل النظري، وهو مجال القلب والناموس والفطرة. وبالتالي فإن صاحبنا قد انغمس إبان الطفولة في مثل هذه العقيدة التقوية من الصباح إلى المساء ولسنوات طوال؛ ولذلك فإن من المسلّم أن يكون لهذه التربية أثرها العميق في طريقة تفكير كانط، وفي تشكيل فلسفته بشكل عام، وعلى الأخلاق بوجه خاصّ.