المعرفة بين الإطلاق والنسبيّة وأثرها في العقيدة
د. أيمن المصري
الخلاصة
يدور هذا البحث حول موضوع طبيعة المعرفة البشرية، وحدودها المعرفية، من حيث كونها مطلقة أو نسبية، ومدى تأثيرها على العقيدة الدينية، ورؤية الإنسان عن الحياة.
وتتناول هذه الدراسة مسألةً أساسيّةً وخطيرةً، لها أكبر الأثر على الرؤية العَقَديّة عند أيّ إنسانٍ، وهي كون المعرفة الإنسانيّة مطلقةً أو نسبيّةً، أي هل يمكننا أن نتعرّف على الأشياء كما هي عليه في الواقع ونفس الأمر، أو أنّنا لا ندرك إلّا الأشياء من حيث هي ظاهرةٌ لنا، دون الواقع.
وقد اعتمدنا في تحقيق مسائل هذا البحث على المنهج العقليّ البرهانيّ؛ لأنّه المنهج المعرفي الوحيد - كما ثبت في علم المنطق، وصناعة البرهان - الّذي يمكن أن يضمن لنا اليقين الموضوعيّ الصادق الثابت في مثل هذه المسائل الأصوليّة، والمصيرية؛ إذ لا يحتمل مثل هذا البحث الاعتماد على المناهج الظنّيّة الأخرى.
وقد قمنا بتلخيص النتائج الكلّيّة الّتي توصّلنا لها من خلال البحث، من تأصيل قواعد البحث المعرفيّ، وبيان حجّيّة الأدوات المعرفيّة، وحدودها المعرفيّة، ومن بيان أنّ الدافع للقول بالنسبيّة المعرفيّة هو الجهل أو تجاهل المبادئ العقليّة الأوّليّة، والخلط بين المعرفة الاعتباريّة والظنّيّة والإضافيّة من جهةٍ وبين مطلق المعرفة، وأنّ الدافع للقول بالنسبيّة الدلاليّة، هو تأثّر المفسّر دائمًا بثقافته الخاصّة في فهم النصوص، هذا بالإضافة إلى بيان مباني القائلين بالمعرفة المطلقة القائمة على البرهان العقليّ، والتمييز بين الطرق العلميّة وغير العلميّة في التعرّف على الواقع في نفسه. وقمنا أيضًا بدفع شبهات النسبيّة المعرفيّة والدلاليّة، لتستقرّ بعدها موازين علميّةٌ موضوعيّةٌ مطلقةٌ للمعرفة البشريّة.
هذا بالإضافة إلى بيان الآثار العقديّة الإيجابيّة للمعرفة المطلقة، الناشئة من وجود ميزانٍ علميٍّ موضوعيٍّ مطلقٍ في مجال معرفة العقائد الواقعيّة، وبيان الآثار العقديّة السلبيّة للمعرفة النسبيّة، من تضييع العقائد والقيم الأخلاقيّة، وتشتّت الآراء العقديّة؛ ممّا يمهّد الأرضيّة للصراع الفكريّ والمذهبيّ الرافض لهذه النسبيّة.
وفي نهاية البحث قدّمنا بعض التوصيات العلميّة والثقافيّة، كضرورة إحياء العلوم العقليّة، والاهتمام بتدريسها، وبناء الكوادر العلميّة المتخصّصة، والكوادر المثقّفة بالثقافة العقليّة الأصيلة؛ من أجل الوقاية والعلاج للمشاكل الّتي أوجدتها المعرفة النسبيّة، لا سيّما في المراكز الأكاديميّة، وذلك عن طريق إصلاح النظامين التعليميّ والثقافيّ في شتّى المراكز التعليميّة الدينيّة والأكاديميّة؛ من أجل النهوض بالمجتمعات البشريّة.
المفردات الدلاليّة: المعرفة، الواقع، الإطلاق، النسبيّة، العقيدة.
يمكنكم متابعة قراءة المقال هنا
كما يمكنكم الإطلاع على العدد بشكل كامل هنا