العلاقة بين العدل والحكمة الإلهيّين وآثارهما التكوينيّة والتشريعيّة
ياسين بن جابو
الخلاصة
تعدّ صفتا العدل والحكمة من أهمّ مباحث الصفات الإلهيّة التي أثارت الكثير من النقاش، ونالت النصيب الأوفر من الاستفهام، ولا زالت مثارًا للكثير من الإشكالات، إذ يشكل عليهما في الأساس من الناحية المفهوميّة، وأنّهما صفتان متقاربتان إلى حدٍّ كبيرٍ ومرتبطتان ترابطًا وثيقًا، حتّى أنّه قد يخلط الكثير من المحقّقين بينهما، بل قد لا يفرّق بينهما الكثير، فتُؤخذان على أنّهما لفظتان مترادفتان تعبّران عن صفةٍ واحدةٍ، في حين يعتبرهما البعض صفتين متباينتين. فما حقيقة هاتين الصفتين؟ وما العلاقة بينهما؟
بالنسبة لظهور هاتين الصفتين في مجال التكوين؟ فإنّه يستلزم كون النظام أحسن وأصلح أن تكون جميع موجودات العالم مصاديق لما يندرج تحت مقولات الكمال والخير والحسن والهدفيّة... لا ما يناقضها، بيد أنّنا قد نصطدم في العالم بظواهر وحوادث توصف بالنقص والشرّ والقبح والعبث، على غرار المصائب والبلاءات والكوارث الطبيعيّة والأمراض والتبعيض في الخلقة.
أمّا في مجال التشريع، فالتشريعات تستلزم أن تكون وفقًا للنظام الأكمل من حيث تناسب التشريعات وأهداف خلقة الانسان، ولكن يبدو في بعض التشريعات أنّ فيها نوعًا من الظلم، كعدم المساواة بين الرجل والمرأة في كثيرٍ من التشريعات كما في الإرث والشهادة والقيمومة، وجزاءً غير متكافئٍ، كقبول توبة المذنبين وغفران ذنوبهم، أو شفاعة الشافعين، أو عدمَ تناسب العمل والجزاء أحيانًا، فكيف يمكن توجيه ما يبدو ظاهرًا أنّه نقصٌ وشرٌّ وعبثٌ في ظلّ اتّصافه - تعالى - بصفتي العدل والحكمة، والتوفيق بينهما، لتبرز حقيقة تجلّيها لهاتين الصفتين الكماليّتين؟ بحثنا كلّ هذه الإشكالات وغيرها باستقصاء مختلف آراء والمتكلّمين المحقّقين وتحليلها ومناقشتها، وردّ ما نرى أنّه يعارض العقل أو القرآن وما صحّ من الأخبار، وتوصّلنا أخيرًا إلى القول في حقيقة العدل والحكمة الإلهيّة والعلاقة بينهما، وأنّهما ليستا صفتين مترادفتين، ولا متفاوتتين بالكامل، بل هناك ترتّبٌ طوليٌّ بينهما؛ إذ إنّ الحكمة صفةٌ تجمع بين مقامي الذات والفعل، وهي أوسع من العدل الّذي هو صفة فعلٍ، ومن شؤون كونه - تعالى - حكيمًا.
فيما يخصّ الآثار التكوينيّة والتشريعيّة والجزائيّة، أشرنا إلى أنّها لا تعدّ ولا تحصى، وأنّه ليس هناك من موجودٍ إلّا وتضمّن الكثير من آثار حكمته وعدله سبحانه وتعالى، لهذا فقد ذكرنا بعض المصاديق الكلّيّة لهذه الآثار الّتي تتفرّع عليها مصاديق جزئيّةٌ. ثمّ أشرنا إشارةً عابرةً إلى كيفيّة التوفيق بين ما يبدو من بعض الآثار أنّه يتعارض وعدله سبحانه وتعالى، كمسألة الشرور، وذكرنا بعض الحكم الّتي توجّه بعض الشرور والبلاءات.
يمكنكم متابعة قراءة المقال هنا
كما يمكنكم الإطلاع على العدد بشكل كامل هنا