رئيس مؤسسة الدليل لأساتذة الجامعات العراقية: لا بدّ من تحمّل المسؤولية لإيقاف الفوضى المعرفية
الأربعاء 28 آب 2019
حثّ رئيس مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة الدكتور صالح الوائلي أساتذة الجامعات العراقية والأكاديميّين على ضرورة تحمّل المسؤولية لمواجهة الفوضى المعرفية التي تشهدها الساحة العربيّة عمومًا والعراق خصوصًا.
جاء ذلك في كلمةٍ له خلال حفل اختتام دورة التنمية الفكرية والتأهيل العقدي الخاصة بأساتذة الجامعات العراقية، التي استمرّت أربعة أيام متتالية وشارك فيها 130 أستاذًا جامعيًّا من مختلف الاختصاصات، ونظّمتها شعبة التعليم في مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية.
وبدأ الحفل بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم تلاها الدكتور عبد الزهراء البهادلي، وبعدها ارتقى المنصّة رئيس مؤسسة الدليل ليلقي كلمته الّتي انطلق منها من حيث صدّق القارئ، فاستهلّ حديثه بآيات بيّنات من كتاب الله المجيد تشير إلى المسؤولية الملقاة على عاتق الإنسان وهو خليفة الله في الأرض، فأشار إلى قوله تعالى: «وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ»، واستشهد بقوله عزّ وجلّ: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا». وقال الدكتور الوائلي إنه "من خلال هذه الآيات الكريمة تتّضح لنا المسؤولية العظمى الملقاة على عاتق الإنسان، وقدرتُه على تحمل هذه المسؤولية التي فاقت قدرات الملائكة، فالإنسان هو خليفة الله، ولا بدّ أن يستشعر مسؤولية الخلافة".
وبعدها تطرق رئيس المؤسسة إلى مسؤولية الأساتذة والجامعيّين، فقال: "إنّه تقع على عاتق الأساتذة مسؤولية بناء الطالب، وتقع على عاتقهم أيضًا مسؤوليةٌ تتعلق بالأجيال الّتي تليهم، فهم أمانة في أعانقهم؛ إذ إنّ تربية جيل صحيح تؤدّي إلى أن يكون الجيل الّذي يليه صحيحًا بالتبع، فالأجيال حلقات متسلسلةٌ مرتبطةٌ ببعضها".
وأضاف أنه "لا يخفى على المتتبع للوضع الفكري والثقافي القائم في العالم العربي عمومًا، والعراق خصوصًا أنّ هناك فوضى معرفية، والوضع يتطلب منا الجدية وتحمل المسؤولية لنكون قادرين على الخوض في هذا الصراع الذي يعد الأخطر في تاريخ البشرية".
وتابع الدكتور صالح الوائلي بالقول: "ومن هنا جاء مشروع مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية الذي قام به ثلة من أساتذة متخصصين في الفلسفة والكلام للنهوض بالواقع، والهدف منه تنمية الجانب الفكري لدى النخب والكوادر المثقفة من خلال أساليب متنوعة، ومن بينها الدورات التي تركز على جانب التربية الفكرية والتأهيل العقدي".
ولفت إلى أن الدورات هي الخطوة الأولى في طريق التصدي، حاثًّا الأساتذة الجامعيين والنخب على إكمال هذا المشوار من خلال تطوير قدراتهم، والمشاركة بدورات أخرى، وإيصال هذه الأفكار إلى الشباب، وتحديدًا الجامعيين منهم.
وفي نهاية كلمته، أثنى الدكتور الوائلي على الجهود الكبيرة التي بذلتها شعبتا التعليم والعلاقات العامة والإعلام في مؤسسة الدليل، وعلى جهود الأساتذة الذين شاركوا في إلقاء محاضرات فكرية وثقافية متنوعة.
وبعدها ألقى كلمة الأساتذة المشاركين بالدورة الأستاذ الدكتور سعيد غني نوري، وثمّن جهود العتبة الحسينية المقدسة المتمثلة بالمتولي الشرعي سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، وجهود المؤسسة المعطاء مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية، على استيعاب هذه الثلة الطيبة من أساتذة مختلف الجامعات العراقية.
وقال: "عندما نقف على أعتاب هذه الروضة المباركة التي ضمت ريحانة خاتم النبيين وابن قائد الغر المحجلين وابن سيدة نساء العالمين إمامنا الحسين (عليه السلام)، لا بد لنا أن نستلهم العبر والدروس من هذا السفر المبارك، الذي اختاره الله لنا لإحياء قلوبنا، وتنوير أفكارنا وعقولنا، والذي ضرب لنا مثالاً في العقيدة والأصول، وكذلك في الجهاد والشجاعة، بالوقوف ضد ماكنة الفكر الأموي المنحرف في كل مكان وزمان".
وأردف بالقول: "لا بدّ أن نعي الواقع السلبي الذي تعيشه الأمة الإسلامية على وجه العموم، والوضع المؤلم الذي يعيشه العراق في ظل غياب بوصلة التوجيه الديني والفكري والتنموي"، محذّرًا من محاولات الفكر المنحرف استهدافَ الدين الإسلامي الحقيقي من خلال الأفكار الضالّة التي نهشت جسد الأمة الإسلامية، وخير مثال "تنظيم داعش الإرهابي" الذي واجهه الشعب العراقي ببسالة بعد فتوى المرجعية الدينية المباركة.
وطالب المؤسسات الثقافية والفكرية التابعة للعتبات المقدسة وغيرها من المؤسسات الأخرى أن تحذوا حذو مؤسسة الدليل في احتضان الأساتذة الجامعيّين، واحتوائهم فكريًّا وعلميًّا وثقافيًّا، والتعرف عليهم من كثبٍ؛ لغرض إعادة تأهيل بنائهم الفكري، وخصوصًا الرساليّين منهم، الذين يسعون للمساهمة في بناء المجتمع والدولة.
وشدد على ضرورة شحذ الهمم وتحشيد أكبر كمٍّ من العلماء والمفكرين والمخلصين والرساليين لمواجهة مخطّطات أعداء الأمة في نشر التخلّف والخرافات.
وفي نهاية كلمته تقدم بتوجيه الشكر والثناء مجدّدًا لسماحة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة، ورئيس مؤسسة الدليل الدكتور صالح الوائلي، وجميع العاملين في المؤسسة.
ثمّ ارتقى المنصّة الدكتور أحمد حميد البدري الّذي ألقى كلمة شكر نيابةً عن عميد كلّيّة الإمام الكاظم للعلوم الإسلاميّة الجامعة؛ كونها من أكثر الكليات المشاركة في هذه الدورة.
وجاء في كلمته أنّ "الدورة كانت ناجحة بكل المعايير العلمية والأكاديمية، وقد استفدنا منها كثيرًا"، داعيًا إلى استمرار هذه الدورات، وإقامتها في مختلف المواسم".
وفي نهاية حفل الاختتام جرى توزيع شهادات مشاركة على الأساتذة المشاركين في الدورة، وقدمها لهم رئيس مؤسسة الدليل ونائبه الدكتور فلاح سبتي وبقيّة الأساتذة المحاضرين.
تعليقات الزوار