04 December 2024
الشيخ صالح الوائلي: مشروع مؤسسة الدليل يسعى إلى محو الصورة المشوهة التي رسمها المغرضون عن إسلامنا المحمدي الأصيل

الشيخ صالح الوائلي: مشروع مؤسسة الدليل يسعى إلى محو الصورة المشوهة التي رسمها المغرضون عن إسلامنا المحمدي الأصيل

أكد رئيس مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، الشيخ صالح الوائلي، إن من الأهداف المهمة التي أخذت الموسسة على عاتقها هو محو الصورة المشوهة التي رسمها المغرضون عن إسلامنا المحمدي الأصيل.

وقال الشيخ الوائلي في حوار مفصل مع وكالة أنباء الحوزة نيوز " hawzahnew" في معرض حديثه عن الأهداف المهمة التي تسعى مؤسسة الدليل إلى تحقيقها هي "نشر العقيدة الإسلاميّة الحقّة في أرجاء العالم بصياغةٍ معاصرةٍ مستساغةٍ، محاولين بذلك الكشف عن وجه عقلانيّة هذا الفكر وانسجامه مع الواقع والفطرة الإنسانيّة".

وأوضح سماحته أن "نشاطات المؤسّسة تتنوّع بين التأليف والتعليم والإعلام، فالبرغم من أنّ عمر المؤسّسة لم يتجاوز السنة، بيد أنّها قامت بأعمالٍ كبيرةٍ ومهمّةٍ".

وبشأن البرامج التي وضعتها مؤسسة الدليل لمواجهة الظواهر الفكريّة المنحرفة كالإلحاد واللا دينيّة والتطرّف الدينيّ، قال "من أخطر ما يمرّ به واقعنا الفكريّ ظاهرتا الإلحاد واللا دينيّة ،فقد استغلّ البعض ردود أفعال الناس تجاه التطرّف الدينيّ المتمثّل في (داعش وأخواتها)؛ لتزهيد الناس بالدين، وإظهار أنّ هذه الأفعال الشنيعة الّتي ترتكبها العناصر المتطرّفة بسبب اعتناقهم للدين، كما يحاول الملاحدة إقناع الناس بأنّ النظريّات العلميّة الحديثة تناقض ما جاءت بها المعرفة الدينيّة ".

وتابع رئيس مؤسسة الدليل إن "الواقع أنّ كلّ هذا خداعٌ؛فلا المتطرّفون يمثّلون الدين، ولا العلم يناهض الدين ويناصر الإلحاد، بل العكس هو الصحيح ".

وفيما يلي نص الحوار

بدايةً.. يا حبّذا لو عرّفتم عن نفسكم ومؤسّستكم .
بسم الله الرحمن الرحيم
في البدء أرحّب بكم وأشكركم على إتاحة هذه الفرصة لنا للتعريف بمؤسّستنا والبرامج الّتي تنوي القيام بها.
أنا (صالح الوائلي)، مرحلة الدكتوراه في الفلسفة الإسلاميّة، ومارست التدريس في العلوم العقليّة في قمٍّ المقدّسة ، والان اشغل منصب رئيسً مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة .
مؤسّسة الدليل عنوانها يدلّ عليها، فهي تعنى بالدراسات والبحوث الفكريّة العقديّة، ويؤمن القائمون على المؤسّسة بأنّ الفكر الإسلاميّ الأصيل المتمثّل بمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هو الفكر السليم المنسجم مع الواقع والفطرة الإنسانيّة، كما يؤمنون بقدرة هذا الفكر على تلبية المتطلّبات الفكريّة للبشريّة، وعلى مواجهة التحدّيات بكلّ أشكالها والنهوض بواقع الفرد والمجتمع للوصول إلى الكمال الإنسانيّ المنشود.

ما هي الجهة الداعمة لمؤسّستكم؟
تعدّ مؤسّسة الدليل قسمًا مستقلًّا في العتبة الحسينيّة المقدّسة، ويشرف عليها بشكلٍ مباشرٍ سماحة الشيخ (عبد المهدي الكربلائي) المتولّي الشرعيّ للعتبة الحسينيّة المقدّسة .

كم باحثًا يعمل معكم، وما هي مستوياتهم وعناوينهم الوظيفيّة؟
لدينا في المؤسّسة كادرٌ علميٌّ عالي المستوى من ذوي التخصّصات المختلفة، فبعضهم متخصّصٌ بالفلسفة وبعضهم بعلم الكلام، وآخرون بعلم الحديث، وأكثرهم نال شهادة الدكتوراه، ويحمل بعضهم الماجستير، مضافًا إلى داراساتهم الحوزيّة، فالجميع من طلبة البحث الخارج، وعديد الكادر العلميّ اثنان وعشرون منتسبًا، ثمانيةٌ منهم يمثّلون المجلس العلميّ الّذي يحمل صلاحيّاتٍ في اتّخاذ القرارات العلميّة كافّةً في المؤسّسة، من تعيين المحقّقين والمصادقة على المشاريع العلميّة الّتي تعمل عليها المؤسّسة .
وأمّا الباقون فهم يمارسون وظائف التحقيق والبحث والتعليم .
ما المشروع الفكريّ الّذي تضطلع به المؤسّسة ؟
لدينا مشروعٌ مهمٌّ ومنشورٌ في كرّاسةٍ تحت عنوان (مشروع التأهيل الفكريّ العقديّ)، خلاصة المشروع هو نهضةٌ فكريّةٌ في مجال العقيدة، تهدف إلى بناء وإعادة تأهيل المنظومة العقديّة للفرد والمجتمع وفق الرؤية الإسلاميّة لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، كما وتهدف إلى تحقيق الحصانة الفكريّة من خلال خلق القدرة الذاتيّة على مواجهة الظواهر والمتغيّرات الثقافيّة الطارئة، من خلال التركيز على عامل التربية الفكريّة للفئات كافّةً وبأساليب مختلفةٍ، وسيتمّ تنفيذ هذا المشروع ضمن استراتيجيّةٍ تعتمد أسسًا ومنطلقاتٍ علميّةً، وتركّز على تفعيل دور العقل باعتباره الأداة المعرفيّة الّتي وهبها الله - تعالى – لنا؛ للتمييز بين مبادئ الحقّ والباطل في المعتقدات، وبين مبادئ الخير والشرّ في الأفعال والسلوكيّات، كما وتسعى الاستراتيجيّة إلى رفع مستوى الوعي العاطفيّ الدينيّ بما يخدم الرؤية العقديّة الحقّة، وفق آلياتٍ تمّ تحديدها في متن المشروع.
ومن ضمن الأهداف المهمّة الّتي يسعى المشروع إلى تحقيقها نشر العقيدة الإسلاميّة الحقّة في أرجاء العالم بصياغةٍ معاصرةٍ مستساغةٍ، محاولين بذلك الكشف عن وجه عقلانيّة هذا الفكر وانسجامه مع الواقع والفطرة الإنسانيّة، وفي الوقت ذاته نسعى إلى محو وإزالة الصورة المشوّهة الّتي رسمتها أيدي المغرضين والضالّين والجهلة عن إسلامنا المحمّديّ الأصيل.

ما أهمّ نشاطات المؤسّسة العلميّة والبحثيّة في العراق وقمٍّ؟
نشاطات المؤسّسة تتنوّع بين التأليف والتعليم والندوات، فالبرغم من أنّ عمر المؤسّسة لم يتجاوز السنة، بيد أنّها قامت بأعمالٍ كبيرةٍ ومهمّةٍ، ففي مجال التأليف تعمل شعبة البحوث في المؤسّسة على تدوين بحوثٍ تأصيليّةٍ وموسوعاتٍ متنوّعةً، وكذلك تقوم بكتابة كراريس صغيرةٍ لمعالجة ظواهر محدّدةٍ، وتقوم أيضًا بكتابة المقالات للمجلّة والموقع التابع للمؤسّسة، كما تقوم شعبة الترجمة بترجمة كتبٍ ومقالاتٍ من اللغتين الفارسيّة والإنجليزيّة إلى العربيّة ، وكذا تنوي ترجمة بحوثٍ وكتبٍ من العربيّة إلى الإنجليزيّة .
وأمّا في مجال التعليم، فإنّ شعبة التعليم تقوم بنشاطاتٍ مختلفةٍ، فهي الآن مشغولةٌ بكتابة مناهج في التربية الفكريّة والعقديّة للدراسات الحوزيّة وللمدارس الأكاديميّة، وقد أقامت دوراتٍ قصيرةً متعدّدةً في التربية الفكريّة والتعليم الدينيّ العقديّ، ومن أهمّها دورةٌ لمعلّمي ومدرّسي التربية الإسلاميّة في العراق تحت عنوان: (تطوير التعليم الدينيّ في المدارس الأكاديميّة) .

وأمّا في مجال الندوات فهناك ندواتٌ أقامتها المؤسّسة في قمٍّ المقدسة وفي العراق، وقد لاقت هذه الندوات ترحيبًا واسعًا، لا سيّما في أوساط المثقّفين والأكاديميّين .

ما برامج المؤسّسة لمواجهة الظواهر الفكريّة المنحرفة كالإلحاد واللا دينيّة والتطرّف الدينيّ؟
من أخطر ما يمرّ به واقعنا الفكريّ ظاهرتا الإلحاد واللا دينيّة ،فقد استغلّ البعض ردود أفعال الناس تجاه التطرّف الدينيّ المتمثّل في (داعش وأخواتها)؛ لتزهيد الناس بالدين، وإظهار أنّ هذه الأفعال الشنيعة الّتي ترتكبها العناصر المتطرّفة بسبب اعتناقهم للدين، كما يحاول الملاحدة إقناع الناس بأنّ النظريّات العلميّة الحديثة تناقض ما جاءت بها المعرفة الدينيّة .

والواقع أنّ كلّ هذا خداعٌ؛فلا المتطرّفون يمثّلون الدين، ولا العلم يناهض الدين ويناصر الإلحاد، بل العكس هو الصحيح .

ومن هنا قامت المؤسّسة بوضع استراتيجيّةٍ كاملةٍ لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة، وهناك برامج للمعالجات الآنيّة والسريعة سوف نعمل عليها في الأيّام القليلة القادمة إن شاء الله، كإقامة دوراتٍ قصيرةٍ للطلبة الجامعيّين ، وكتابة كراريس موجّهةٍ، وإقامة ندواتٍ تثقيفيّةٍ، ولدينا رؤيةٌ للمعالجة الجذريّة وتحصين المجتمع فكريًّا من خلال التعليم الدينيّ الأكاديميّ، ورؤيتنا هي أن تكون مادّة التربية الإسلاميّة في المدارس الأكاديميّة على مستوياتٍ ثلاثةٍ هي: التربية الفكريّة، والتربية الدينيّة، والتعليم الدينيّ.

المستوى الأوّل: (التربية الفكريّة)، وهذا يعدّ من أهمّ المستويات على الإطلاق؛ إذ يدرس الطالب فيه أصول التفكير وقواعده ومناهجه، وبنحوٍ يتناسب مع كلّ مرحلةٍ عمريّةٍ؛ وذلك لتعريف الطالب أنّ المنهج العلميّ الموصل للحقائق ليس منحصرًا في المنهج التجريبيّ الحسّيّ؛ تمهيدًا له لقبول المسائل الإلهيّة وتفاصيل العقيدة، ومن الخطإ الفادح أن يدرس الطالب العقيدة والدين قبل أن يدرس أصول التفكير ومناهجه؛ لأنّه سوف يكون بعد ذلك أحد شخصين: إمّا مفرطٌ متزمّتٌ متعصّبٌ، وإمّا مفرّطٌ متنكرٌ للدين وزاهدٌ فيه، والسبب ما أشرنا إليه آنفًا؛ وهو أنّ الطالب إمّا أن يتشبّث بما تلقّاه تقليديًّا، فيعيش الانغلاق ولا يتحمّل أيّ نقاشٍ فيما اعتقده، وإمّا أن يتمسّك بالمعيار التجريبيّ الحسّيّ والمنطق الوضعيّ؛ فيستخفّ بمسائل ما وراء الطبيعة، ويعدّها قضايا ليس ذات معنًى، ولا قيمة علميّة لها.

لذا ينبغي أن تبدأ التربية الفكريّة من المرحلة الأولى وتستمرّ إلى الأخيرة، وأن يلزم الطالب بامتحاناتٍ فيها؛ لأنّها المادّة الخام والأساس لبناء الرؤية الفكريّة العقديّة بعد ذلك.

المستوى الثاني (التربية الدينيّة)، وهي النشاط الدينيّ والممارسة العمليّة للدين، وتشمل الأخلاق والعبادات والنشاطات القرآنيّة من حفظٍ وتلاوةٍ. ولا بدّ أن تستمرّ التربية الدينيّة طول المسيرة التعليميّة من المرحلة الأولى إلى المرحلة الأخيرة في الإعداديّة، ويفضّل أن لا يلزم الطالب بامتحاناتٍ، بل يكون ضمن مسجد المدرسة ويشرف عليه أحد المعلّمين أوأحد رجال الدين، المهمّ أن يكون المشرف مرشدًا دينيًّا خلوقًا.
المستوى الثالث (التعليم الدينيّ)، يدرس الطالب في هذا المستوى كيفيّة الاستدلال على العقيدة وأحكامها، ومصادر الشريعة وأحكامها، وأصول التفسير وأحكامه، كلّ هذا يعلّم بنحوٍ يتناسب وكلّ مرحلةٍ عمريّةٍ.

كلمة أخيرة : آمل من المؤسسات ذات العلاقة بالشأن الفكري والعقدي كافة أن تتظافر جهودها في سبيل مواجهة الأفكار والسلوكيات الطارئة والغريبة على ثقافة إمتنا الإسلامية ، وأن نعمل جميعا على تشييد الأمن الفكري المجتمعي ، للوقوف أمام الهجمات الفكرية التي لا تتوقف من قبل الدوائر المشبوهة المعادية للقيم الإنسانية والإسلامية .

وأكرر شكري وتقديري لوكالة أنباء الحوزة لإتاحتها هذه الفرصة الثمينة للتحدث عبر منبرها الواعد .

تحميل الكتاب

محرر الخبر: عقيل زعلان

تعليقات الزوار

سجل بريدك الإلكتروني لتتلقى أهم أخبار المؤسسة وإصداراتها

قالوا في المؤسسة

مراكز متعاونة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدليل