21 November 2024
عمق المعرفة يعزّز الصبر ويعطي للبلايا معنًى آخر

عمق المعرفة يعزّز الصبر ويعطي للبلايا معنًى آخر

عقيل زعلان

هيجان العاطفة وتداعي المشاعر والأحاسيس من الأمور المألوفة لدى الكائن البشريّ حينما يواجه ألوان البلايا والمحن، وما أكثرها وأعمقها في بلدنا! بل رزايانا ومعاناتنا متلوّنةٌ ومتغيّرةٌ، وهي تزداد وتتأكّد يومًا بعد آخر؛ فلا بدّ إذن من التفكير بجدٍّ ونحن نواجه الألم والمرارة والأذى بشكلٍ مستمرٍّ، بما يعيننا عليها ويساعدنا على تحمّلها. أجل، يمكن أن تكون واقعة كربلاء خير معينٍ وأفضل درسٍ ينفعنا في هذا الجانب، وإليك صورةً من صور ذلك الدرس العظيم:

غالبًا ما تتأثّر النساء بخطوب الزمن، وتنكسر أمام رزايا الأيّام، وتنهار عند فقد الأهل والأحبّة؛ لما تملك من عاطفةٍ جيّاشةٍ وشعورٍ مرهفٍ، ولكن يبدو أنّ هناك نساءً من لون آخر ونوعٍ مميّزٍ، لهنّ كلمةٌ أخرى عند حلول الواقعة ونزول المصيبة، تلك نساء كربلاء، فهنّ على الرغم من تأثرهنّ بما جرى في ساحة الطفّ، غير أنّ المبادئ والقيم وحجم المعرفة والاعتقاد وقوّة اليقين وعشق الرسالة الّتي يؤمنّ بها كان حاضرًا بقوّة في المواقف الّتي سطّرنها يوم عاشوراء، وهذه المفردات تحكي القصّة بأكملها، حيث كانت بطلتها المرأة الفريدة زينب العقيلة (عليها السلام) في يومٍ كان من أشدّ الأيام عليها وعلى النساء اللواتي كنّ معها، نعم إنّ أهمّ ما ساعد تلك النسوة على تحمّل ما جرى هو قوّة المعرفة وعمقها.

تعيش المرأة في بلدي ظروفًا صعبةً وأوقاتًا قاسيةً جدًّا؛ إذ سجّلت المرحلة الّتي نحن فيها الآن شتّى ألوان الترويع والقتل والتعذيب والاغتصاب والإقصاء والتهميش وكبت الحرّيّات و .... تحت طائلة مسمّياتٍ شتّى، أجل، هكذا هو حال بعض النساء في بلدنا، تحلّ عليهنّ المصائب والمحن كلّ يومٍ، لكنّ ما يميّز السيّدة زينب (عليها السلام) عن نسائنا أنّها تعاطت بروح الصبر والإيمان أمام ما لاقته من مصائب ومحنٍ وجابهتها بكلّ بسالةٍ وثباتٍ، وهذا الأمر حريٌّ بالاقتداء والاتّباع من قبل نساء عصرنا وزماننا.

إنّ السيّدة زينب (عليها السلام) ترسم لسائر النساء طريقةً وأسلوبًا رائعًا للتعاطي مع البلوى، وكيف تستطيع المرأة تبديل المعاناة إلى سكونٍ وراحةٍ وتغيير المصيبة إلى لونٍ من ألوان التعلّق بالله والانقطاع اليه، إذ أجابت حينما سألها اللعين ابن زيادٍ: "كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَ َهْلِ بَيْتِك‏؟ فقالت (عليها السلام): ما رأيت إلّا جميلًا".

تحميل الكتاب

تعليقات الزوار

سجل بريدك الإلكتروني لتتلقى أهم أخبار المؤسسة وإصداراتها

قالوا في المؤسسة

مراكز متعاونة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدليل