16 October 2024
الإلحاد الانفعالي .. دراسة في الدوافع النفسيّة للإلحاد

الإلحاد الانفعالي .. دراسة في الدوافع النفسيّة للإلحاد

عقيل زعلان

حوار مع الدكتور عبد العزيز الصوافي

في كتابه "الإلحاد الانفعالي .. دراسة في الدوافع النفسيّة للإلحاد"

 

 أوّلًا : ما الفكرة العامّة للكتاب؟

لكلّ كتاب قصّة، خصوصًا إذا ما كان ينطلق من مورد حاجة، ولديه رسالة يريد المؤلّف إيصالها، وكما يقال: الحاجة أمّ الاختراع، فكانت الحاجة إلى تأليف هذا الكتاب هي البحث عن موضوع حيويّ له أهميّة واقعيّة وعمليّة لأطروحة الدكتوراه؛ لذلك أخذت فكرة هذا الكتاب من الأطروحة مع بعض الإضافات وإعادة الصياغة؛ لأنّ أسلوب الكتاب يختلف عن أسلوب الأطروحة، التي تتناول الوقاية والعلاج معًا، وتحت عنوان "الإلحاد الانفعالي .. دراسة في أسبابه وسبل مواجهته من المنظور القرآني"، ونتيجة للحاجة إلى تأليف كتب مختصرة عن أساليب المواجهة للإلحاد، انبثقت فكرة تأليف كتابين مستمدين من هذه الأطروحة: أحدهما (أسلوب المعالجة)، وهو هذا الكتاب الذي نتحدّث عنه. والآخر (سبل الوقاية من الإلحاد)، مع مراعاة إعادة صياغة - وإضافة معلومات جديدة - لكلّ من الكتابين، وهذه هي الفكرة العامة وراء تأليف الكتاب.

 

ثانيًا: ما أهمّ الدوافع التي حفّزت الكاتب على التأليف في هذا الموضوع؟

الهدف الأساسي من بحث أسباب الإلحاد الانفعالي وسبل علاجه

1- تركيز البحث على أحد النوعين الرئيسين من الإلحاد، وهو ما يمكن أن نسمّيه "الإلحاد الانفعاليّ"، مقابل ما يمكن أن نسميه "الإلحاد الفكريّ" بجزئيه: العقليّ الفلسفيّ، والعلميّ التجريبيّ، وذلك بمحاولة رصد أهمّ الانفعالات أو المشاعر المفضية إلى هذا الإلحاد وتشخيصها، وبيان كيفيّة نشوئها ومسار تكوينها في النفس البشرية بهدف معرفة كيفيّة علاجها أو الوقاية منها.

2- أنّ الغرض الأساسيّ من هذ الكتاب ليس نقد إلحاد الملحد الانفعاليّ أو حتى مواجهة موقفه الانفعاليّ وحكمه بما قد يؤدّي إلى استفزازه ومعاندته، بل الغرض الأساسيّ هو أن نبيّن له مدى منطقيّة الأفكار وواقعيتها والمشاعر التي استند عليها في موقفه الإلحاديّ، ومن ثمّ نجعله يسعى بنفسه إلى التخلّص من تأثير الجوانب الانفعاليّة الّتي قادته إلى ذلك الموقف، وذلك من خلال تشكيكه بمبادئ أحكامه الانفعاليّة -  بما في ذلك المشاعر والأفكار الزائفة - وإزالة استحواذها في نفسه بما يمهّد الطريق لقبوله الأدلّة النظريّة والفطرية في إثبات المبدإ وفاعليته التشريعيّة والتكوينيّة فيما بعد.

 

ثالثًا: كم استغرقت عملية تأليف الكتاب؟ وما أهمّ المشاكل والتحدّيات التي واجهت الكاتب في ذلك؟ وما أبرز القضايا المثيرة للاهتمام؟

استغرق تأليف الكتاب ما يقرب من ثلاثة أشهر، وقد واجهت صعوبة في بحث موضوع الإلحاد الانفعالي؛ نتيجة حداثة مصطلحه وندرة المصادر التي تتحدث عن هذا الإلحاد وسبل مواجهته وقايةً وعلاجًا، وخاصّةً النسخة المعاصرة منه، بل وندرتها الشديدة، كما واجهت صعوبةً في مجال إيجاد تصوّر دقيق عن مفهوم الإلحاد الانفعالي؛ نتيجة وجود تعريفات وأنواع مختلفة للإلحاد الجديد أو المعاصر، ممّا أدّى إلى الغموض والتعقيد والتداخل في مفهومه وتصنيفه، فقد لا يتّضح للناقد المعالج أو المربي الوقائي، أيّها يقصد فی نقده وعلاجه ووقايته، فهنالك الإلحاد النظري والعملي منه، وهنالك الإلحاد السلبي والإيجابي منه، وهنالك الإلحاد الضمني والصريح منه، وهنالك الإلحاد الخفيف والمتطرّف أو القوي منه، مع تداخل العوامل والأسباب التي تقتضي حدوث مثل هذا الإلحاد، هذا من جهة.

 وكما أنّ هناك صعوبةً في تشخيص مثل هذا الإلحاد، فإنّ هناك صعوبة حقيقيّة في كيفيّة مواجهته؛  باعتبار أنّ صاحبه غالبًا لا يفصح صراحةً عن دوافعه الحقيقيّة للإلحاد، ولعل من أصعب المشاكل سماع آراء أصحاب هذا الإلحاد؛ إذ يلاحظ أنّها - بسبب الطبيعة النفسيّة التي ينطلقون منها - لا تتحد مع المبادئ أو الأسس المنطقيّة التي تحكمها، بل هي أشبه بالتعبير والتنفيس عن انفعالات وجروح عقد نفسيّة التي تعتمد على الكلمات الجارحة والنابية وغير المهذبة كوسيلة لتحقيق أغراضها.  

 

 

رابعًا: بعد نشر الكتاب كيف وجد الكاتب التفاعل مع محتواه؟ وهل هناك تواصل محدّد مع المؤلّف ونقاشات هامّة دارت بعد صدوره؟

لقد كان للكتاب بعنوانه الجذّاب ومضمونه وأسلوبه الجديد تأثير خاصّ على كثير من أصدقائي من طلبة العلوم الشرعية والأكاديمية على حدٍّ سواء، فالعنوان - كما تعلمون - هو أوّل شيء يلفت نظر القارئ؛ ولذلك كان الاهتمام باقتنائه والإقبال عليه  - والحمد لله - قويًّا.

وهنا لا أنسى جهود مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث في مشاركة الكتاب في أكثر من معرض دولي ومحلي .

كما لاقى الكتاب استحسان الكثيرين - ولا سيّما رئاسة المؤسسة التي أتشرّف بالانتساب إليها، خاصّة وأنّها تحمل اسم سيّد الشهداء الإمام الحسين A - حيث أقيمت ندوتين حول موضوع الكتاب: إحداهما في جامعة آل البيت D العالمية في مدينة قم المشرفة، وكانت ندوة حضوريّة لبعض أساتذة الجامعة وطلبتها ومن خارجها. والأخرى ندوة عبر الأثير أقامتها مؤسسة الدليل التابعة للعتبة الحسينيّة، وقد حظيت الندوتان - والحمد لله - بتفاعل ممتاز، من حيث عدد الحضور وكثرة الأسئلة، مما يدلّ على أهميّة الموضوع وتأثيره على القارئ والمتلقي.

 

خامسا: ما دور مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث في تأليف هذا الكتاب؟ وما الدعم الذي قدّمته في هذا الصدد؟

لقد أثبتت مؤسستنا المباركة جدارتها على الأصعدة كافّةً العلمية والفنية والتحفيزية والواقعية، وذلك من خلال الاعتراف الذي حظيت به من القاصي والداني، ولعل مما يميّز مؤسستنا المباركة أنّ عملها عمل مؤسساتي، فهنالك أكثر من ناقد لما يتم تأليفه على مستوى استشارة، وغايته التقييم، فهو نقد بناء، وكما قيل: (مَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا)، وهنالك المدقّق اللغوي والفني، ورغم هذا العمل المؤسساتي، وكون مؤلّفات المؤسسة لا تمثّل الجهود الفردية البحتة للمؤلّف، إلا أنّ المؤسسة تتميّز بالحفاظ على جهود المؤلّف، على عكس العديد من المؤسسات التحقيقيّة والبحثيّة التي تهدر جهود المؤلّف أو تهمش اسمه، وتعتبر الكتابة تابعة للجنة الكتابة أو ملكية خالصة للمؤسسة، وعلى حدّ علمي فإنّ منشأ هذا التوجّه لدى رئاسة المؤسسة هو نتيجة معاناتهم السابقة من وضع بعض المؤسسات البحثية .

 

سادسا: حدثنا عن اهمية الكتاب والهدف من تأليفه والجديد فيه وماهو أبرز مايميزه؟  

 

تتجلّى أهميّة هذا الموضوع من جهة أنّ الإلحاد الانفعالي يُعدّ أخطر أنواع الإلحاد المختلفة؛ وذلك لاشتماله على طبقات المجتمع كافّة، وشيوعه فيها، وامتداد تأثير أسبابه في التهيأة لنشوء الأنواع الأخرى، وذلك من خلال توفير البيئة النفسيّة الممهّدة لسلوك طريق الإلحاد بأنواعه كافّة.

والموضوع يتناول الإلحاد الانفعالي أو النفسي، وإن كان موجودًا بمعناه، إلّا أنّه كمصطلح "الإلحاد الانفعالي" مصطلح جديد ومستحدث، وهذا يحصل كثيرًا أن يكون المعنى موجودًا، لكن المصطلح غير مذكور ويذكر متأخّرًا، أو مذكور بعنوان آخر مشابه عن معناه بدقّة، ولقد خاطبت عدّة من المترجمين لبعض اللغات غير العربية كاللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية والفارسية، هل مصطلح الإلحاد الإنفعالي موجود، فذكروا أنّه مصطلح جديد ومستحدث، وهذا ما صعب عليّ عملية وضع تعريف اصطلاحي محدّد وجامع مانع له، واعتقد أنّ مصطلح الإلحاد الانفعالي هو مصطلح أدق من مصطلح الإلحاد النفسي؛ لأنّه مصطلح ينشأ عن إضافة السبب إلى المسبب.

وأهم ما يميز هذا الكتاب هو ما يلي:

1- السعي نحو صياغة تعريف جامع مانع للإلحاد الانفعالي.

2- توضيح أهمّ خصائص الإلحاد الانفعالي التي تميّزه عن غيره من أنواع الإلحاد الأخرى بهدف تشخيصه بشكل دقيق، ومساعدتنا على معرفة كيفية مواجهته بالوقاية منه وعلاجه.

3- محاولة حصر الانفعالات والمشاعر التي تستدعي ظهور هذا الإلحاد بهدف معرفة كيفية التوقّي من الإصابة به أو معالجة من أصيب به. 

 

سابعًا: ما أهم الإشكاليات التي يحاول الكتاب معالجتها؟ وما الحلول التي قدّمها لهذه الإشكاليات؟

حاول الكتاب الإجابة على سؤال رئيسي مفاده ما حقيقة الإلحاد الانفعالي؟ وما أسبابه؟ أو بتعبير أدقّ ما دوافعه المختلفة؟ وما السبل النافعة في علاجه؟

ويسعى الكتاب أيضًا إلى صياغة تعريف جامع مانع للإلحاد الانفعالي، وذلك بحصر الانفعالات والمشاعر المقتضية لنشوء ذلك الإلحاد فقط. وبيان أهمّ خصائص الإلحاد الانفعالي التي تميّزه عن غيره من أنواع الإلحاد الأخرى لغرض التشخيص الدقيق له وبما يساعدنا على معرفة كيفية علاجه. كما يرصد أهمّ الانفعالات أو المشاعر المفضية إلى هذا الإلحاد وتشخيصها ومحاولة معرفة كيفية نشوئها ومسارها التكويني في نفس الإنسان؛ وذلك لمعرفة كيفية معالجة من أصيب به.

تحميل الكتاب

تعليقات الزوار

سجل بريدك الإلكتروني لتتلقى أهم أخبار المؤسسة وإصداراتها

قالوا في المؤسسة

مراكز متعاونة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدليل